السعودية/ متابعات- "المعارضة" في المملكة العربية السعودية.. قمع وإقصاء وملاحقات، هكذا وصفها المراقبون، في السنوات الأخيرة، تشبيهات قد تغير رؤي البعض للمملكة.
وشهدت السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية موجة من التحديات، تبعها نمط من النشاط المعارض، داخل نظام سياسي يحكم المملكة منذ عشرات السنوات.
الشارع السعودي لم يهدأ في الآونة الأخيرة، فكلما خرجت المملكة من أزمة، دخلت في أخرى، فمن الصراعات السياسية بين الأشقاء، بحثًا عن كرسي العرش، مرورًا بالتعديلات الوزارية المفاجئة، وصولاً إلى ملاحقات للمعارضة.
فالنظام الحاكم في المملكة، بدا هذه المرة أكثر جدية في تعامله مع لمعارضة، مقارنة بردود فعله السابقة، والتي كانت تقتصر على فض التظاهرات، كما حدث في 16 من ديسمبر لعام 2004، في التظاهرات التي دعي إليها الداعية المعارض سعد الفقيه، في مدينة جدة.
الحركة الإسلامية
وكانت أطلقت الحركة الإسلامية للإصلاح دعوة للتظاهر، تجاه السلطة الحاكمة في السعودية 14 أكتوبر 2003، أمام برج المملكة في الرياض، بالتزامن مع عقد مؤتمر "حقوق الإنسان في السلم والحرب، والتي اعتقل على إثرها أكثر من 350 شخصًا، صدرت عليهم أحكام متفاوتة شملت جَلد بعضهم. بحسب منظمة العفو الدولية، كان من المعتقلين ثلاث نساء على الأقل أفرج عنهن بعد 55 يومًا من الاعتقال بعد التعهد بعدم التكرار.
كما دعت الحركة بعدها، لمظاهرات في 16 من ديسمبر 2004 في عدة مدن سعودية، وتوقع سعد الفقيه، الداعي للتظاهر، مشاركة عشرات الآلاف رغم حظر التظاهر. وفي اليوم المخطط للتظاهر انتشرت قوات الشرطة المسلحة وأقيمت نقاط تفتيش عديدة في الرياض واعتُقل ثمانية أشخاص بشبهة التظاهر، بينما تظاهر حوالي 100 شخص في مدينة جدة.
استخدام العنف
وعقب فض التظاهرة، اتهم الفقيه، أجهزة الأمن السعودية، باستخدام العنف والغاز المسيل للدموع في مدينة جدة لقمع نحو ألف متظاهر حاولوا التجمهر للمشاركة في مسيرات دعت لها المعارضة واعتقلت منهم العشرات.
المراقبون رأوا أن النظام الحاكم في السعودية، يميل حكامه إلى تقديم البلاد على أنها مساحة لا تخضع لتطبيق قواعد السياسة المتعارف عليها، وبالتالي فإذا ما ظهرت المعارضة، سرعان ما تحرك النظام الحاكم بمنتهى الحسم لقمعها، وكأنها فريسة في شباك الملك.
وظل هذا الوضع هو المتبع بصفة خاصة منذ تولي الملك فيصل مقاليد السلطة عام 1964، وانتهاء عشر سنوات من التعبئة للقومية العربية واليسارية عندما وقعت الأسرة الحاكمة تحت وطأة ضغوط نقل السلطة لرعاياها.
احتجاج الشيعة
ومن أبرز الأحداث تلك التي وقعت عام 1979 عندما سيطرت مجموعة من المتظاهرين السلفيين على المسجد الحرام في مكة، واحتجاج الشيعة في المنطقة الشرقية عام 1980 اعتراضا على حكم السنة، ودعوة من صفوف العلماء تطالب بنظام برلماني عام 1991، وتمرد المعارضة من عام (2004-2006) ومجموعة من المناشدات المطالبة بإجراء إصلاحات ديمقراطية مع بداية الألفية الثانية.
الناشط السياسي الدكتور عادل عبد الله، قال إن غالبية البلدان العربية، ترفع شعار "لا للديمقراطية" وليست المملكة العربية السعودية وحدها، مضيفاً أن آل سعود لا يريدون تمدد موجة الربيع العربي أراضيهم.
إقصاء للمعارضة
وأوضح الناشط السياسي لـ"مصر العربية" أن السعودية، تتبع أسلوب العصا، والتخويف، لذلك وضعت من كل معارض "إرهابي"، كما حدث مع بعض صحافيوها ودعاتها، قائلاً أن القوانين التي سنتها المملكة مؤخراً، بشأن الإرهاب، إقصاء للمعارضة.
وتابع: أن النظام الحاكم في السعودية، يميل إلى تقديم البلاد على أنها مساحة لا تخضع لتطبيق قواعد السياسة المتعارف عليها، وبالتالي فإذا ما ظهرت المعارضة، سرعان ما تحرك النظام الحاكم بمنتهى الحسم لقمعها، وهو ما نشاهده في البلدان العربية فقط.
"دعوى مكافحة الإرهاب"، أسلوب اتبعته المملكة في السنوات الأخيرة، لتتخذ منها إجراءات تعسفية قمعية ضد قوى المعارضة، فمنذ قيام ثورات الربيع العربي، يتوجس حكام السعودية من وصولها إلى بلادهم، الأمر الذي دفعهم إلى ملاحقة المعارضين.
قوانين الإرهاب
وسنت الحكومة السعودية هذا العام قانون الإرهاب الذي يسمح باعتبار أي شكل من أشكال المعارضة السياسية بمثابة نشاط محظور، ومنها التعبير عن التعاطف مع الإسلاميين في البلدان العربية، تبعه ردود أفعال غاضبة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية، اعتراضاً على الممارسات والأحكام التعسفية التي يطلقها النظام السعودي بحق النشطاء والمعارضين السياسيين وأصحاب الرأي.
بدورها أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود الدولية"، ما وصفته بـ"السياسات القمعية" التي ينتهجها النظام السعودي ضد الأصوات المعارضة التي تعبر عن آرائها، داعية إلى إعادة النظر في بعض الأحكام التي طالت صحفيين ونشطاء وإطلاق سراح المحبوسين منهم.
وقالت فرجيني دانجل، نائبة مديرة البرامج في منظمة "مراسلون بلا حدود" المعنية بالدفاع عن حرية الصحفيين ونشطاء الرأي في بيان أصدرته "ندين السياسات القمعية التي ينتهجها النظام السعودي ضد الأصوات المعارضة التي تعبر عن آرائها.
وأضافت دانجل: "نحث السلطات السعودية على إعادة النظر في هذه الأحكام والإفراج عن الصحفيين والمواطنين ونشطاء حقوق الإنسان مع سحب الإجراءات القضائية المسلطة عليهم".
اعتقالات بالجملة
وقدمت مراسلون بلا حدود عددًا من الأمثلة على ما ذكرت، حيث قالت إنه في 5 نوفمبر الماضي، حكمت المحكمة الجزائية التخصصية في مدينة الخبر، على الكاتب والناشط الحقوقي مخلف الشمري بسنتين سجنَا و200 جلدة، علماً أنه "تعرض للملاحقة القضائية مرارًا وتكرارًا في مناسبات سابقة"، حسب البيان.
وأشارت المنظمة إلى أن هذا الحكم جاء بعد أسابيع من استدعاء الشمري لإدارة المباحث العامة السعودية حيث وُجه له أمر وزارة الداخلية القاضي بإغلاق حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في غضون 48 ساعة، بينما أُمهل 30 يومًا لاستئناف الحكم.
وفي 28 أكتوبر الماضي، تم حبس سعاد الشمري، أول محامية في البلاد والناشطة الحقوقية المشاركة في تأسيس موقع الشبكة الليبرالية السعودية.
وأفاد البيان أن الناشط رائد بدوي الذي اعتقل سنة 2012 وحكم عليه في سبتمبر بعشرة أعوام سجنًا نافذًا و1000 جلدة، حصل على جائزة حرية الصحافة لعام 2014.
وفي 29 أكتوبر الماضي اعتقلت السلطات السعودية الداعية الإسلامي محمد العريفي لأسباب لم تعلنها إلا أن المحللون أرجعوا ذلك الي بعض التغريدات التي انتقدت السلطات السعودية.