الخليج/ نبأ- كشفت شبكة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية، إن الطفرة الاقتصادية، التي حققتها البلدان الخليجية الغنية بالنفط في السنوات الأخيرة، ربما تتلاشى بسبب أسعار الخام التي هوت بنسبة 50% تقريبا في الشهور الست الماضية.
وذكرت الشبكة في تقرير لها، اليوم الخميس، أن الملوك والأمراء الخليجيين قد استغلوا ثرواتهم النفطية في إعادة رسم خارطة المنطقة، قائلة إن المعالم الشهيرة لتلك الدول تتضمن الجزر الصناعية المقامة على أراض مستصلحة، والمراكز المالية والمطارات والموانئ التي حولت الجزيرة العربية إلى شبكة مصرفية وسياحية.
وأضاف التقرير أن الحكام الخليجيين قد استخدموا الأموال الضخمة المتاحة لهم في درء القلاقل والاضطرابات الاجتماعية التي امتدت شرارتها لعديد من دول الشرق الأوسط إبان ثورات الربيع العربي.
ونسب التقرير لسيمون ويليامز، كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة وسط وشرق أوروبا في مؤسسة إتش إس بي سي المصرفية الإنجليزية، القول بأن "منطقة الخليج تعيش في رغد من العيش طيلة العشر السنوات الماضية"، موضحا "لكن هذا العقد من الترف والرفاهية قد ولى، فالتراجع في أسعار النفط سوف يؤثر سلبا على أداء الاقتصاديات الخليجية على المدى القريب، حتى لو كانت خزائن تلك الدول ممتلئة عن آخرها وتكفي لضمان عدم حدوث أزمات."
وهبط سعر مزيج خام برنت القياسي الذي وصل إلى 102 دولار للبرميل منذ نهاية العام 2009، إلى ما قيمته 60 دولارا للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي.
وتسارعت وتيرة هذا التراجع في أعقاب قرار منظمة الدول المصدر للنفط "أوبك" التي تعد المملكة العربية السعودية اللاعب الرئيسي بها، في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، بالحفاظ على مستويات إنتاجها دون تغيير.
وعند مستوى 65 دولارا للبرميل سوف تعاني الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التي تمتلك مجتمعة زهاء ثلث احتياطي النفط العالمي، من عجز في الموازنة يُقدر بحوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب أرقام كابيتال، بنك الاستثمار الذي يتخذ من دبي مقرا له.
واستشهدت بلومبرج بالتقرير الذي أصدره بنك قطر الوطني مؤخرا، وذهب فيه إلى أن أسعار النفط المنخفضة "سوف تجبر على إعادة تقييم برنامج الاستثمارات الطموح في مجال البنية التحتية" في المنطقة.
وأضاف تقرير البنك أن الاستثناء الوحيد على الأرجح سيكون قطر التي تنفق بسخاء على مشروعات البنية التحتية اللازمة لاستضافة مونديال 2022 لكرة القدم.
ورأت الشبكة الأمريكية أن الهبوط الحاد في أسعار النفط قد دفع بالفعل خبراء اقتصاديين لخفض تقديرات النمو خلال العام المقبل بالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات والكويت.
وكان مؤشر بلومبرج الذي يقيس أداء 200 شركة بدول مجلس التعاون الخليجي، قد تراجع بنسبة 8.5%، في الشهور الستة الماضية، في الوقت الذي انخفض فيه مؤشر "تداول كل الأسهم Tadawul All Share Index، أكبر مؤشر لسوق الأسهم في العالم العربي، بنسبة 12%.
من ناحية أخرى، أشار تقرير بلومبرج إلى أن الإنفاق السخي للدول الخليجية لم يحل المشكلات المتراكمة لديها بعد، مثل معدلات البطالة العالية، ولاسيما في السعودية التي اقتربت فيها من 30% في 2012، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وبالرغم من بلوغ متوسط التوظيف في قطر نحو 8.5%، وصل معدل التوظيف بالنسبة للسعوديين 4.6% في السنوات من 2010 و 2012، بحسب ما ذكر البنك الدولي في يوليو من العام الماضي.
لكن الإنفاق الخليجي قد ساعد أيضا الحكام في هذه المنطقة على درء مخاطر الربيع العربي الذي هبت رياحه على الشرق الأوسط في 2011، ففي هذا العام، سارع العاهل السعودي الملك عبد الله إلى تخصيص 130 مليار دولار لخلق الوظائف وبناء منازل ورفع الرواتب، في حين خصصت قطر ما قيمته 8.2 مليار دولار لزيادة المعاشات ورواتب موظفي الدولة.
وحينما اندلعت الاحتجاجات في البحرين، الدولة الخليجية الوحيدة التي شهدت احتجاجات كبيرة نسبيا، وكذلك عمان، وإن كانت بدرجة أقل، بادر جيرانهما من الدول الخليجية إلى تقديم مساعدات لهما تقدر بـ20 مليار دولار.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد ذكر مؤخرا أن الاقتصاد يمكن "أن يتحمل التقلبات المؤقتة في إيرادات النفط والتي تعتبر طبيعية"، وقال إبراهيم العساف، وزير المالية السعودية، في تصريحات سابقة الشهر الحالي إن المملكة سوف تستخدم احتياطياتها المالية كخط دفاع ضد أسعار النفط المنخفضة، وستستمر في تمويل مشروعات التنمية الضخمة.
في غضون ذلك، تدرس عمان التي تفتقر إلى أصول في هذا المجال جديا وقف التوظيف في القطاع العام، بحسب درويش البلوشي، وزير الشئون المالية العماني.
وفي الكويت التي تشهد موجة من الاحتجاجات السلمية منذ العام 2011، قال الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، إن أسعار النفط تصل إلى "مستويات بدأت تؤثر على الدخول وبرامج التنمية لدولنا."
وقد بدأ خبراء اقتصاديون بالفعل خفض تقديرات النمو الاقتصادي لدول الخليج، ففي الوقت الذي أظهر فيه مسح حديث لبلومبرج نموا للاقتصاد السعودي بنسبة 3.6% العام المقبل، تراجعت تقديرات النمو للإمارات إلى 4% من 4.5%، و إلى 2.4% من 2.8% للكويت.