الخليجُ الذي كانَ حصّةَ بريطانيا بموجبِ اتفاقيةِ سايكس بيكو لم تتغيّرْ ملامِـحُهُ الجغرافيّةُ والسياسيةُ برحيلِ آخرِ سريَّةٍ تابعةٍ للمملكةِ المتحدةِ من دونِ إيعازٍ بريطانيٍّ.
لم يكنِ استقلالُ الدولِ الخليجيةِ انتصارًا على الاستعمارِ أو تجسيدًا لعملٍ ثوريٍّ كما درجَ في التاريخِ بل وجهًا آخرَ للاستعمارِ أسّسَتْ لهُ بريطانيا بتأنٍّ للمحافظةِ على واقعِ حضورِهَا في مفاصلِ المنطقةِ كلِّها.
الدولةُ السعوديةُ الثالثةُ على سبيلِ المثالِ كانَتْ نتيجةَ معاهدةِ عبدِالعزيزِ بنِ سعود والمعتمدِ البريطانيِّ في جدة عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وسبعةٍ وعشرينَ.
استقلالُ الكويتِ عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وواحدٍ وستينَ كانَ بتوقيعِ وثيقةٍ بينَ الشيخِ عبدالله السالم مع المندوبِ السامي البريطانيِّ في الخليجِ العربيِّ السير جورج ميدلتن نيابةً عنِ الحكومةِ البريطانيةِ.
بعدَهَا في العامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وواحدٍ وسبعينَ أبرمَتِ البحرينُ اتفاقيّةَ صداقةٍ مع بريطانيا للحصولِ على الاستقلالِ. بعدَها بثلاثةِ أيامٍ وافقَ المعتمدُ السياسيُّ البريطانيُّ في الدوحةِ على اعتبارِ قطر دولةً مستقلّةً.
موافقةٌ توَّجَتْهَا معاهدةُ صداقةٍ في جنيف في حين، أفضَتْ خطاباتٌ ومذكراتٌ مماثلةٌ إلى استقلالِ سلطنةِ عُمانَ والإماراتِ في العامِ ذاتِهِ.
هكذا بدَتْ إعلاناتُ الاستقلالِ اتفاقيّاتٍ بريطانيّةً على الانسحابِ بعدَ أنْ كرّسَ الاستعمارُ علاقاتٍ متجذرةً مع القبائلِ والعائلاتِ الحاكمةِ في دولٍ بدَتْ أشبهَ بفرصةٍ بريطانيةٍ جديدةٍ للتوغُّلِ في المنطقةِ ولتأسيسِ خرائطَ جديدةٍ من دونِ تغييرٍ للواقع.