السعودية / لوفيغارو – على عكس جيرانهم في الإمارات العربية المتّحدة والأردن وتونس خاصة، لم تكن العربية السعودية وقطر ممثلتين يوم الأحد إلا من خلال مسؤولين من الصف الثاني: أخ الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من الدوحة ونزار المدني، الرجل الثاني في وزارة الخارجية في الرياض، رغم أنّ قطر والعربية السعودية شريكتان نشيطتان لباريس في العديد من الملفّات الدبلوماسية مثل الانتفاضة في سوريا من أجل إسقاط بشار الأسد من الحكم أو الملف النووي الإيراني من أجل وقف مسيرة طهران نحو القنبلة.
وحسب خبير فرنسي متخصص في شؤون الخليج: “هذا الأمر ليس مستغربًا؛ لأنّ قضية الرسوم الكاريكاتورية كانت في قلب تبادل الاتّهامات ضدّ فرنسا في هذه البلدان، فبعض السكان غير مهتمين ربّما ولكنّ أغلبية الشعب وهابيون بشراسة أي أنّهم مناصرون للإسلام المتشدّد جدًا، الّذي لا يمكن أن يسامح إهانة نبيّهم. وفي هذه الظروف، من الصعب على القادة الظهور في باريس” على عكس وزير الإمارات العربية المتّحدة للشؤون الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد الّذي أعلن منذ عصر السبت عن مشاركته. ويجب القول إنّ الإمارات -أكثر مملكات الخليج معاداة للإسلاميين- كانت مسرحًا قبل شهر لاغتيال أمريكية في مركب تجاري في أبو ظبي من قبل امرأة منتقبة.
1000 جلدة من أجل “إهانة الإسلام”
ويبيّن غياب القادة القطريين والسعوديين الغموض في ردود الأفعال في هذين البلدين للهجوم الدامي على شارلي إيبدو، حيث أدان القادة بالتأكيد هذه الأعمال الإرهابية والصحافة الرسمية أو القريبة من دوائر الحكم -مثل صحيفة الشرق الأوسط- ندّدت بـ”رعب” مثل هذه الهجمات- ولكن في الوقت نفسه حكم القضاء السعودي على مدوّن بالسجن لمدة 10 سنوات و1000 جلدة لـ”إهانة الإسلام” مما أثار استياء العديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان مثل الهيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود. وقد بدأ رائف بدوي في تلقي الـ50 جلدة الأولى يوم الجمعة الماضي أمام حشد من المؤمنين المتجمّعين خارج مسجد في جدّة -غرب المملكة العربية السعودية- وسيتلقى 950 آخرين خلال الأسابيع الـ 19 القادمة.
حزب الله الشيعي يدين
ليست الصحافة القريبة من النظام في هذه البلدان الّتي تدين “مناخ الإسلاموفوبيا” فقط، والّذي يكون المسلمون الفرنسيون “ضحيّته” بالإضافة إلى الّذين فشلوا في الاندماج، فهذا هو أيضًا حال صحيفة الأخبار اللبنانية القريبة من حزب الله، رغم أنّ حسب نصر الله -زعيم الحركة الشيعية الموالية لإيران والّتي تعتبرها فرنسا والاتّحاد الأوروبي منظمة إرهابية- أدان بوضوح مأساة باريس إذ قال: “من خلال أفعالهم الدنيئة والعنيفة واللاإنسانية، أساءت هذه المجموعات إلى النبي والمسلمين أكثر ممّا فعل أعداؤهم وأكثر من الكتب والأفلام والرسوم المسيئة للنبي محمد”. ولكن، هذه الملاحظة ليست مستغربة تمامًا باعتبار أنّها آتية من حركة معادية بشدّة للإسلام السني المتطرف الذي يواجهه مقاتلو حزب الله في سوريا من أجل الدفاع عن بشار الأسد، كما لو أنّ شبكات القراءة التاريخية قد اختلطت بسبب الفجوة الّتي اتّسعت داخل الإسلام بين فرعيه السني والشيعي حتى وإن تعلّق الأمر بعمليات عنف ضدّ الغرب.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة التقرير