هُزِم نظامٌ بصوتِ مدوِّن وناشطٍ حقوقيّ.
خمسون جلدةً كانت كافيةً لتحريك ضغوطٍ وإداناتٍ من كلّ جهاتِ الدّنيا الأربع.
خمسون جلدةً أيقظت الأسماعَ والأنظارَ والقلوبَ والجيوب.
خمسون جلدةً هزّت سفاراتِ المملكةِ في دول العالمِ.. وعلى إيقاع المحتجّين ولافتاتِ الإدانةِ التي نادت بالحرّية وبكلِّ اللّغات التي يعرفها الأحرار.
خمسون جلدةً هوتْ على ظهرِ رائف بدوي؛ فتحت العيونَ على الخيوطِ المتشابكةِ بين نظام المملكة وتنظيم دولة الخلافة.
ولكنْ، ذلك لا يكفي.
التّراجعُ عن تنفيذ الجلْد، ليس توبةً من جُرمٍ، أو تصحيحاً لعقوبةٍ قاسيةٍ، أو اعترافاً بظلمٍ للبشر.
التراجعُ عن تنفيذِ الجلْد هو أمرٌ جُبرت عليه المملكة، أمام الضغوط التي فضحت حبلَها السّري الرّابطَ بينها وبين جحافل الموتِ الزّاحفِ في كلِّ مكان.
أُجْبرت المملكةُ على الانحناء قليلاً، أو التراجعِ خطوةً واحدةً إلى الوراء، ولكنه تراجعٌ يؤكدُ أنّ موقفَ الحقّ، والثّبات عليه، ومهما قيل عن نفاقِ السّاسةِ الغربيين، وعن جبروتِ البطشِ والرّصاص، إلا أنّ الحقّ وأهلَه قادرون على أن يسحبوا البساطَ والسّياطَ من تحتِ العروشِ والكروش، ولو بعد حين.