السعودية/ نبأ- قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أنّ التسريبات الجديدة لمكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي تكشف حقيقة موقفه الشخصي من دول الخليج العربي، وتواطؤه مع حكام الخليج، رغم علاقاته القوية- السرية أحيانًا- معهم.
وأضاف الموقع أن التسريبات تكشف "احتقار" السيسي لحكام دول الخليج العربي، رغم تقديمهم مساعدات مالية هائلة لمصر، في تناقض صارخ لتصريحاته العلنية بالثناء الكبير على الدول الغنية بالنفط.
ومع ذلك، توضح التسريبات أن السيسي – عندما كان قائدا للجيش – تمتع بعلاقات دافئة مع مموليه الخليجيين، وبالأخص عاهل السعودية الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، شملت تزويدهم بمعلومات حساسة.
وبُثت التسريبات- الذي لم يتمكن موقع "ميدل إيست آي" من التحقق منها بشكل مستقل – على قناة "مكملين" التليفزيونية، مقرها تركيا، المعروفة بدعمها للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وتم تسجيلها – بحسب ما ورد – في أوائل العام 2014، وشملت أصوات الرئيس عبدالفتاح السيسي (الذي كان وزيرا للدفاع حينها)، واللواء عباس كامل (مدير مكتب السيسي)، والفريق محمود حجازي (الذي كان رئيس المخابرات حينها، وهو الآن رئيس الأركان وقائد الدفاع الجوي).
أموال الخليج للجيش وليست للدولة
أظهر أحد التسريبات أن الرئيس السيسي أمر اللواء عباس كامل بطلب نقل مبلغ 10 مليارات دولار من كل من السعودية والإمارات والكويت إلى حساب بنكي تابع للمؤسسة العسكرية، كان يترأسه في ذلك الوقت، وليس للدولة.
وقد ناقش الرئيس السيسي واللواء عباس سُبُل تحويل الأموال من الخليج إلى مصر دون معرفة الجمهور، حيث قال الرئيس السيسي: “لديهم المال مثل الأرز"، مشيرًا إلى أنه ينبغي أن يكون لهم نصيب من تلك الأموال "مثل الأمريكيين".
وبثت قناة "مكملين" تسريبًا آخر لما ادعت أنه محادثة هاتفية بين اللواء عباس كامل والدكتور فهد العسكر، أحد مساعدي الشيخ خالد التويجري (رئيس الديوان الملكي سابقًا والمستشار الخاص لعاهل السعودية الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز)، قبل أن يطيح به الملك سلمان بن عبدالعزيز هذا العام.
السعوديون يعرفون أولا
أشار الموقع إلى أنّ التسريب الثاني لم يظهر فيه سوى صوت اللواء عباس، فيما ورد أنه ينقل للمسؤولين السعوديين نتيجة اجتماع المجلس العسكري المصري لمناقشة إمكانية ترشح السيسي للرئاسة أثناء انعقاد الاجتماع.
وزعم التسريب أن اللواء عباس أخبر المسؤول السعودي بأن المجلس العسكري سيصوت لصالح ترشح السيسي للرئاسة قبل إجراء التصويت وقبل إعلانها للجمهور المصري.
وادعت قناة "مكملين" أنّ العلاقات الجيدة للرئيس السيسي مع السعودية خلال عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز لن تستمر بنفس الحميمية في عهد الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز، مضيفة أنّ الملك سلمان قد يوقف "تواطؤ" الرئيس السيسي مع السعودية.
نصف دول
وردت معظم اللغة المهينة في التسريب المزعوم على لسان اللواء عباس كامل، الذي وصف دول الخليج العربي- لاسيما الكويت- بأنها "نصف دول" ينبغي عليها أن "تدفع"، فهي "تعيش حياة راغدة وتمتلك أكواما من المال".
وادعى التسريب أن اللواء عباس قال أيضا إن الكويت تدين للقاهرة لإرسالها 35 ألف جندي مصري للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد بغداد عقب الغزو العراقي لجارتها الخليجية في عام 1990، "عندما كان الكويتيون في ورطة".
ويبدو أن المحادثة في التسريب الثالث لقناة "مكملين" تركزت على تأمين نقل الأموال من المانحين الخليجيين، باستخدام لهجة "احتقارية" تجاههم، على حسب زعم القناة، في تناقض صارخ لتصريحات الرئيس السيسي العلنية بأن مصر والممالك العربية لديها "أمن قومي مشترك".
زعم التسريب أن اللواء عباس قال: “ينبغي علينا فعل ما فعله السوريون في عام 1990، إنها مسألة الأخذ والعطاء (المال مقابل المواقف)”.
تأتي هذه التسريبات قبل شهر من انعقاد مؤتمر المانحين في مصر، الذي من المتوقع أن تشارك فيه دول الخليج الرئيسية.
أسوأ الشتائم موجهة لقطر
مع ذلك، كانت معظم الإهانات موجهة لأمير قطر، الذي وصفه اللواء عباس بأنه "ابن … لديه بنك يوجد به 900 مليار دولار احتياطي"، ولم يعترض الرئيس السيسي بوضوح على هذه الملاحظات.
ولفت الموقع إلى أن التعليقات "البذيئة" الموجهة للأسرة الحاكمة في قطر أصبحت شائعة في وسائل الإعلام المصرية عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، لكن لم يكن معروفا أنها تُقال أيضا على المستوى الرسمي، ويمكن للتعليق المزعوم الذي أدلى به اللواء عباس أن يتسبب في عرقلة محاولة التقارب بين الدوحة والقاهرة البطيئة بالفعل.
وكانت قناة "مكملين" قد دعت – قبل بث التسريبات – العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والشعب السعودي، والأمير القطري تميم بن حماد آل ثاني، والشعب القطري للاستماع للتسريبات.
وتعرضت القناة لتشويش فيما يبدو أنها محاولة متعمدة تستهدف تعطيل موجات البث، لكن تم رفع التسريبات بشكل كامل في وقت لاحق على موقع "يوتيوب"، وتوجه مؤيدو الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى وسائل الإعلام الاجتماعي لدحض صحة التسجيلات، ووصفها بأنها وهمية زيّفتها جماعة الإخوان المسلمين.
منذ عزل مرسي، تم تسريب عدد من التسجيلات المزعومة للرئيس السيسي إلى الصحافة، كان آخرها في شهر يناير المنصرم، تدعي أن بعض أبرز مقدمي البرامج التليفزيونية يأخذون تعليمات من مكتب السيسي.
وفي ديسمبر الماضي، بثت القناة تسجيلا آخر يزعم أنه يعرض أدلة للفساد في السلطة القضائية المصرية، وكان تسريب سابق في ديسمبر 2013 قد أعطى تفاصيل لسلسلة من أحلام السيسي تنبأت بحكمه مصر.