السعودية/ نبأ- نقل موقع «ميدل إيست آي» عن العضو السابق في مجلس الشورى السعودي أحمد التويجري، الخميس الماضي، قوله إنه من «غير المعقول» اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية، ما يُضاف إلى جملة من التقارير التي توضح أن سياسة تعامل المملكة مع جماعة الإخوان ربما تشهد تغيّرًا تحت حكم الملك الجديد.
وبالرغم من إعلان الرياض العام الماضى جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية إلا أن التويجري صرح «القول بأن جماعة الإخوان جماعة إرهابية غير معقول» في لقاء تلفزيوني على قناة «روتانا خليجية».
وقالت مصادر لـلموقع، إن التويجري «حاليا وثيق الصلة» بالملك سلمان، ويقدم له النصيحة والمشورة بشكل غير رسمي، ما يشير إلى أن تعليقاته ربما تعكس وجهات النظر التي تدور الآن داخل بيت آل سعود.
وخلال مقابلة تلفزيونية مع التويجري طرح المذيع سؤالا عن ما إذا كانت سياسة المملكة السعودية سوف تتغير تجاه جماعة الإخوان في ظل حكم الملك سلمان مُستشهدا بتصريح سابق لوزير الخارجية سعود الفيصل الذي قال إنه «لا توجد مشكلة مع الجماعة»، أجاب التويجري بأن جماعة الاخوان «أمة» و«حليف طبيعي» للمملكة.
كما نفى التويجري أن تكون وزارة الداخلية قد اعتبرت كل أفراد الجماعة إرهابيين، مُعلقًا على «سياق الكلام» الذي فُهم منه إعلان جماعة الإخوان جماعة محظورة.
وأردف قائلاً خلال مقابلة تلفزيونية علي قناة «روتانا خليجية» التي يمتلكها الملياردير السعودى الوليد بن طلال: «هناك شيء يُسمى السياق أو القرينة اللغوية للكلام».
«المملكة لا تستطيع أن تصف جماعة الإخوان بأنها منظمة إرهابية. ويأتي (التصنيف) كجزء من قائمة تضم منظمات إرهابية وأُضيف اسم جماعة الإخوان المسلمين إليها. التصنيف عبارة عن قائمة لأسماء منظمات تتخذ العنف مسلكًا لنشر الرعب فى المجتمع، وأن هذا التصنيف جاء ليضم جميع من ينطبق عليهم استخدام العنف أو ينوون نشر الرعب».
«لأخذ هذا المفهوم وتطبيقه بشكل عام علي منظمة كبيرة تمتد من إندونيسيا إلى المغرب ويتم اتهامها بالإرهاب فهذا أمر غير مقبول من شخص عاقل».
يُذكر أن الملك السابق للمملكة والذى وافته المنية في يناير/كانون الثاني الماضي كان يدعم الانقلاب العسكري المصحوب بدعم شعبى والذى أطاح بسهولة بالرئيس المنتخب محمد مرسى المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. كما أن الملك الراحل قد منح عبد الفتاح السيسي – وزير الدفاع السابق الذي سرعان ما تحول الى رئيس جمهورية مصر العربية – عدة مليارات من الدولارات، وسرعان ما سار على خُطى القاهرة في إعلان جماعة الإخوان منظمة إرهابية في مارس/آذار 2014م.
وبالرغم من أن السعودية ظهرت كمعارض قوى للجماعة، إلا إن التويجري قال إنه «لابد من توفير سياق إقليمى ذي نظرة مُختلفة لعلاقة المملكة بالجماعة».
واستشهد التويجري بالمغرب وتونس حيث يتواجد الإخوان كشركاء أساسيين فى حكومة ائتلافية، كما أشار إلى تركيا كنموذج حيث قال «السلطة الحاكمة هناك من الإخوان، وأن رجب طيب أردوغان رئيس حزب العدالية والتنمية داعم للجماعة بالرغم من أنه لا ينتمى رسميًا لها».
«ليس للمملكة أي مشكلة مع هذه الجماعات والعكس صحيح. وينبغي عليهم أن يكونوا حلفاء للمملكة وأن توجد بينهم وبين المملكة علاقات استراتيجية»، مُثنيًا على جهود «أردوغان» في مواجهة التطرف والمنظمات المتطرفة.
وأضاف التويجري أنه «من المسئ» للمملكة أن تصف جميع رجال الدين والمفكرين والسياسيين والأكاديميين المنتمىين لجماعة الاخوان المسلمين بأنهم إرهابيين.
وسأله المذيع إن كان يخشى أن تعتقله وزارة الداخلية بسبب هذه التصريحات التى تظهر جليًا أنها معارضة لموقفها، فأجاب التويجري: «أنا متأكد من أنهم سيشكرونى لأني قد قمت بتقويم الفهم غير الصحيح، وأن المملكة لا تعادى أولئك الذين يتبعون الإسلام، وأن المملكة يجب أن تختار بدقة موقعها».
وفي الوقت الذي قال فيه بعض الخبراء الإقليميين إنهم لا يتوقعون حدوث «تغير كبير» تحت حكم سلمان، لكنه من الواضح أن المملكة تعيد تقييم موقفها تجاه سياسات معينة.
وقال السياسى البارز فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية أندرو هاموند أن «رد فعل المملكة كان شديدًا أثناء حكم الملك عبدالله تجاه الإخوان المسلمين».
«لقد أُصيبت السعودية بالرعب خلال فترة الربيع العربى التى عمت المنطقة لما سينتج عنها من مكاسب للحركات الإسلامية فى المنطقة، ومن الطبيعى أن تتراجع السعودية إلى الوراء خاصة عندما يتعلق الأمر بسوريا – التى لطالما حاولت السعودية إسقاط الرئيس السورى بشار الأسد – فمن الواضح أن جماعة الإخوان ستكون جزءًا مهمًا من هذا الأمر».
وفي الآونة الأخيرة؛ صرح أعضاء من جماعة الإخوان الفارين إلى قطر أنه «فى ظل حكم الملك سلمان يوجد شعور أنه يُمكّن للجماعة من إعادة تصحيح أوضاعها».
وصرح عضو بجماعة الإخوان لوكالة «رويترز» – رفض ذكر إسمه – «فى ظل وجود قادة جدد فإن الأمور تتغير، وأنه قد جاء الوقت ليكون لنا صوت من جديد كى نوضح للعالم من نحن حقًا».
ووفقًا لـ أندرو هاموند فإنه «في الوقت الذي قد تكون فيه الجماعة مُفيدة في مناطق مُعينة، إلا إنها بالتأكيد عدو للسعودية. يرى السعوديون رغبة الإخوان في العمل في ظل نظام ديمقراطي ذات مرجعية إسلامية بمثابة تهديد أساسي لحكمهم»؛ مُضيفًا أن الرياض «سترغب بمواصلة النضال ضدهم ولكن بطرق أكثر ذكاء».
وأضاف «إذا اقترب السعوديون قليلاً من جماعة الإخوان المسلمين فستتاح لهم فرصة معرفة المزيد عما يقومون به أو ما يحاولون القيام به في المملكة. هذا شيء فعله السعوديين بذكاء على مدى السنوات الـ 20 الماضية، وهناك بعض الناس داخل النظام السعودي يُنظر إليهم على أنهم أقرب إلى جماعة الإخوان المسلمين».
وأضاف «كانت هذه وسيلة لهم للتجسس على الإخوان والتأكد من أنهم لم يصبحوا تهديدًا فعليًا».
ومع ذلك؛ فإنه في الوقت الراهن – على الأقل علنًا – تظل المملكة حليفًا مقربًا لنظام السيسي في مصر؛ والذي يواصل شن حملة شرسة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وأخبر الملك سلمان الرئيس المصري أن العلاقات الثنائية «أقوى من أي محاولة لزعزعتها»، وذلك بعد تسريب شريط يزعم إهانة السيسي لرعاته الخليجيين.
وإذا ما كانت تلك المقابلات مثل التي أجراها التويجري يوم الخميس تُشير إلى وجود تحول هاديء في علاقة المملكة مع الإخوان، فمن المرجح أن تواجه المملكة مشكلة مع دولة الإمارات التي أعلنت المجموعة منظمة إرهابية بعبارات لا لبس فيها، وفقًا لما قاله هاموند.
وأضاف إنه في حين عملت الرياض وأبو ظبي بشكل وثيق في الاستجابة للتحديات الناجمة عن الربيع العربي، إلا إن هذه الشراكة ليست قوية كما تصوره وسائل الإعلام في كثير من الأحيان، وأنها يمكن أن تكون على وشك أن تتعكر مرة أخرى.
وأردف هاموند: «لم يكن السعوديون والإماراتيون قريبين هكذا من قبل. في فترة ما قبل الانتفاضات العربية لم تكن العلاقات جيدة على الإطلاق؛ فقد كانت هناك نزاعات واسعة منذ فترة السبعينيات، وقد عادت مجددًا للظهور في صورة خلاف على المقر المحتمل للبنك المركزي لدول مجلس التعاون الخليجي».
«ما شهدناه في السنوات القليلة الماضية هو اجتماع مصالح مؤقت حول قضايا أوسع لكيفية التعامل مع الانتفاضات العربية. ولكنها لن تستمر وستظهر المصالح متباينة مرة أخرى».
وتشير بعض العلامات المبكرة في عهد الملك سلمان إلى هبوط صقيع على العلاقات بين الرياض وأبو ظبي، ولم يحضر ولي عهد الإمارات محمد بن زايد ولا رئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم جنازة الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ويُنظر إلى محمد بن زايد – على نطاق واسع – باعتباره صاحب النفوذ الأكبر في عرش الإمارات الذي يجلس عليه الشيخ خليفة، ويتردد أن محمد بن زايد كان على خلاف مستمر منذ فترة طويلة مع نائب ولي العهد الجديد في السعودية والثاني في ترتيب ولاية العرش محمد بن نايف الذي يُنظر إليه باعتباره وسيط النفوذ الرئيسي في إدارة سلمان.
وفي لقاء مع مسئولين أمريكيين قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003م، وصف بن زايد الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود – والد نائب ولي العهد – بأنه يحمل صفات تشبه القرد.
«وكان محمد بن زايد قد وصف بعض آل سعود بأوصاف قبيحة، وعلى رأسهم وزير الداخلية السابق الأمير نايف؛ والذي قال عنه أنه إثبات لصحة نظرية داروين بأن الإنسان أصله قرد»؛ بحسب موقع ويكيليكس.