السعودية / نبأ – لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى إرتفاع أسعار النفط بشكل حاد يوم الخميس وسط مخاوف من أن العدوان السعودي على اليمن قد يعطل وصول إمدادات النفط.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ اليمن يُعدّ مصدرًا صغيرًا للنفط، إلا أن المملكة العربية السعودية، الجارة الشمالية للبلاد وواحدة من المُصدّرين الرئيسين للنفط في العالم، أصبحت متورطة في نزاع مُسلح أثر على السوق، على الرغم من قول بعض المحللين بأن هناك احتمال حدوث خلل في إنتاج النفط.
وفقًا للمحللين، فإن الأمر الأكثر أهمية هو تأثير تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على السوق على المدى الطويل.
قال سيث كلينمان، المحلل في سيتي جروب في لندن: “هذا جزء من صراع إقليمي أوسع، وفي ظل تزايد هذا الصراع، فإن احتمالات تأثيره على المُنتجين الرئيسين للنفط تستمر في الارتفاع“.
ورأت الصحيفة أنّ هذه المخاوف العامة ربما تفسر لماذا ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الأوروبية الأولى يوم الخميس بعد أنباء قصف المملكة العربية السعودية لبعض الأهداف في اليمن.
وتابعتك ارتفع سعر خام غرب تكساس المتوسط، المعيار الأمريكي الرئيس، بنحو 4.5 % في التعاملات الصباحية. في حين ارتفع سعر خام برنت، المستخدم كمرجعية دولية على نطاق واسع، بنحو 4 %. وفي جلسة التداول لفترة ما بعد الظهيرة في نيويورك، ارتفع مؤشر خام غرب تكساس بنحو 4.5 % في هذا اليوم، ووصل سعره إلى 51.40 دولارًا، وارتفع خام برنت بنسبة 4.9 %، ووصل سعره إلى 59،27 دولارًا.
كما ارتفع كلا المؤشرين بنحو أكثر من 10 % من أدنى مستوى لهما خلال عدة سنوات منذ منتصف مارس، على الرغم من أنهما لا يزالا منخفضين بنحو 40 % عن أسعارهما في العام الماضي.
قالت راشيل زيمبا، محللة شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة روبيني للاقتصاد العالمي، وهي شركة أبحاث مالية، عن الضربات الجوية السعودية: “أعتقد أنها تُمثل خطورة ضئيلة للغاية على إمدادات النفط. من المهم أن نتذكر أن اليمن ليست منتجًا رئيسًا للنفط، وأن هناك عملية تقودها السعودية في اليمن، التي كانت دولة فاشلة لبعض الوقت، ولا يجب أن يكون ذلك مفاجأة“.
ولكن، قالت السيدة زيمبا ومحللون آخرون إن التدخل السعودي جاء بمثابة تذكير بأن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط -والتي لا تزال أهم منطقة مُنتجة للنفط في العالم- لا زالت محتدمة، ويبدو أنها ستزداد. وهناك مؤشرات على احتمال انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، وتبقى أجزاء من العراق مناطق للصراع.
هناك فكرة رئيسة تتردد في هذه الصراعات وهي المنافسة على السُلطة بين المملكة العربية السعودية وإيران، وهما من أقوى الدول في المنطقة، وفي منظمة الدول المُصدّرة للنفط. وفي اليمن، على سبيل المثال، تدعم إيران أنصار الله، في حين تحاول المملكة العربية السعودية دعم الرئيس المُحاصر.
إيران ودول أخرى في منظمة الدول المُصدّرة للنفط “أوبك” غير راضين عن السياسة السعودية الأخيرة بالتراجع لخفض الإنتاج ومن ثم دعم الأسعار. وفي الواقع، يبدو أن السعوديين عازمون على زيادة إنتاجهم، كما يقول بعض المحللين.
وقال ريتشارد مالينسون، المحلل في مؤسسة “إنرجي إسبكتس”، وهي شركة عن أبحاث السوق في لندن: “لقد بدأ السوق بالتفاعل مع المخاطر الجيوسياسية لإمدادات النفط مرة أخرى، وهو الاتجاه الذي غاب بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، مما يؤكد على تحوّل القواعد الأساسيّة في السوق“.
ومع ذلك، يقول معظم المحللين إن هناك احتمالًا قويًا بانخفاض أسعار النفط مرة أخرى. ولا يزال السوق مُتخمًا بإمدادات النفط، على الرغم من أن هناك جدلًا حول حجم هذه الإمدادات. يقل الطلب عادة في الربع الثاني من العام نتيجة انتهاء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي وإغلاق مصافي تكرير النفط من أجل الصيانة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إمدادات النفط وصلت إلى مستويات عالية في صهاريج التخزين في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيًا، وكمسألة متعلقة بسياسة الحكومة، إلى أن الشركات الأمريكية لا يُسمح لها بتصدير النفط الخام الفائض.
ويمكن أن تؤدي الصفقة بين الولايات المتحدة وإيران حول برنامج طهران النووي، نتيجة لذلك، إلى ارتفاع في صادرات النفط الإيرانية، إضافة إلى مستويات النفط الخام.
ويقول محللون إنه في الأسابيع المقبلة قد تتعرض أسواق النفط لخسائر كبيرة في ظل محاولة الأطراف المشاركة تحقيق التوافق بين استمرار الإفراط في الإمداد والاضطرابات في الشرق الأوسط.
وقال مايكل لينش، رئيس مركز الطاقة الاستراتيجية والبحوث الاقتصادية، وهي إدارة خاصة بالمعلومات والاستشارات في ولاية ماساشوستس: “إنه دائمًا تطابق مُضْحِك عندما يكون هناك خطر سياسي وقواعد ضعيفة داخل السوق في الوقت نفسه. إنه الشيء الذي يجعل المتعاملين في قاعة التداول سعداء لأنهم يرون تقلّبًا في الأسعار يلوح في الأفق“.
بدء القصف السعودي، والذي استمر يوم الخميس، في ظل انزلاق اليمن نحو حرب أهلية، وكان أنصار الله، على مقربة من الاستيلاء على ميناء عدن؛ حيث كان يختبئ الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي.
وقال محللون إنه على الرغم من أن السعوديين قالوا بأنهم أوقفوا الطيران المدني في الجزء الجنوبي من المملكة بالقرب من اليمن، إلا أن الحرب بعيدة عن مراكز إنتاج النفط الرئيسة السعودية في الشرق وتشكل تهديدًا كبيرًا للصناعة النفطية الضخمة هناك.
يمكن أن يؤدي الصراع إلى خفض إنتاج النفط المتواضع في اليمن، والذي انخفض إلى 130 ألف برميل يوميًا في العام الماضي، بسبب الاضطرابات ونقص الاستثمار، أي أقل من ثلث ما أنتجت البلاد في ذروة إنتاجها في عام 2001. ولكن إنتاج اليمن هو جزء صغيرة من الإنتاج العالمي ومن غير المرجح أن يكون له أي تأثير.
الأمر المثير للقلق هو موقع اليمن على مضيق باب المندب، وهذه نقطة ضيقة بين اليمن وإفريقيا، من خلالها تمر ناقلات النفط والسفن الأخرى؛ حيث تدور حول شبه الجزيرة العربية إلى البحر الأحمر باتجاه قناة السويس.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة، وهي ذراع الحكومة الأمريكية، مرت نحو 7 % من تجارة النفط البحرية في العالم من خلال هذا الممر في عام 2013. وإذا تم إغلاق الطريق، فإن السفن ستضطر إلى الدوران حول إفريقيا، وهي رحلة طويلة للغاية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.