نبأ – أصدر “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية بيانا حول استشهاد سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله.
جاء في البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
نودّع اليوم رجلًا قلّ نظيره في تاريخ البشرية المعاصر، ونفقد زعيمًا استثنائيًا لم يجد الزمان بمثله وفي لحظة مفصلية فارقة. فقد كان الشهيد القائد سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله أنيس القلوب المتعطشّة للحرية والكرامة على مدى عقود، وكان بلسمًا لجراح ملايين وجدت فيه طبيب نفوسها المتعبة.
وسعت روح شهيد الأمة والقائد التاريخي آفاق أمة جثم على صدرها الاحباط من التغيير وطغاة تآزروا على سلبها هويتها وكرامتها وقضيتها، فكان صوتها المكتوم، ولسانها الملجوم، وبقي على كثرة انشغالاته عونًا لكل من لجأ إليه في الشدائد، وسندًا له في المحن، لا يحيد عن موقف صاغه عن بصيرة، ولا عن نهج نسجه بوعي وحكمة وأناة ومسؤولية وتكليف شرعي..ولذلك، لاقت به وبأمثاله زعامة أمة يحبها وتحبه، وقد تجاوز حدود الجغرافيا المصطنعة، فلم يكن يرى في نفسه إلا ذلك الإنسان الدافىء في مشاعره والعربي في نخوته والمسلم في التزامه وتشرّعه.
فقدنا الشهيد القائد السيد نصر الله عنوانًا لمسيرة مقاومة هي الأنقى والأبهى في تاريخ أمتنا المعاصر، وفقدناه رمزًا لقيادة هي الأطهر، فكان معينًا لا ينضب من قيم الحب والعشق والسمو والتضحية والإيثار، معين ليس فيه ما يشي بتكلّف ولا تصنّع بل هي سجايا جبل عليها فازدهرت فكرة وسيرة عطرة مليئة بكل ما تحتاجه الأمم التوّاقة لنيل الحرية والكرامة والشرف.
ولا نبالغ إن قلنا بأن الشهيد الأسطورة السيد حسن نصر الله كان قائدًا تاريخيًا استثنائيًا، وصانع انتصارات هذه الأمة على مدى عقود أربعة من العطاء غير المنقطع، هو زعيم فريد في زمن قحط شرقنا في أن يأتي بمثله وبمواصفاته، زعيم لم يرث الزعامة من عائلة مالكة ولا بفعل جاه أو وجاهة، وإنما حصل عليها لقربه من آلام الناس وآمالهم، وحب متبادل خالص لوجه الله سبحانه بين القائد والجمهور، فكان زاده عشق الناس له وثقتهم به واستعدادهم للتضحية والفداء من أجله، فقد أسلموا أمرهم له قائدًا صادقًا أمينًا على الأرواح والأنفس والممتلكات. وكان قلبه على الأمة كلها بكل طوائفها، فرأى بأن نهضة الأمة لا تكون إلا بتظافر جهود علمائها ومثقفيها وأهل البصيرة فيها، وهذه النهضة مشروطة بتحررها من أعتى أعدائها وهما الصهيونية والامبريالية الأميركية.
إرتقى أمين القلوب شهيدًا في سبيل الله وعلى طريق القدس، وكان ذلك العنوان الذي اختاره لكل شهداء جبهة الإسناد اللبنانية منذ الثامن من أكتوبر، فأصبح هو سيد شهداء طريق القدس.. وحري لمثله الذي أفنى عمره مدافعًا عن فلسطين والأقصى أن يتوجّ بشهيد فلسطين والأقصى كما القادة الشهداء ممن سبقوه في هذا الخط المقاوم الثابت القدم.
نعزّي أنفسنا برحيل زعيم تاريخي وعظيمًا من عظماء الأمة، ونبتهل إلى الله أن يربط على قلوب الملايين الذين فجعوا برحيله، وأملنا كبير في الله سبحانه وتعالى أن يخلف على هذه الأمة بقائد يحمل الراية من بعده ويتمسّك بنهج المقاومة من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني ويكمل مسيرة الكرامة والشجاعة والنبل والتحرير بإذن الله.