أخبار عاجلة

صحيفة فرنسية: القاعدة والجهاديين الخطر القادم للسعودية من اليمن

السعودية/ نبأ- قالت صحيفة "لاكسبريس" الفرنسية في مقال للكاتب رومان رسو، ان السعودية لا تملك رؤية استراتيجية في اليمن والفوضى الدائرة حاليًا  المستفيد الوحيد منها تنظيم القاعدة والجهاديين، وهؤلاء لا تشملهم الهجمات التي يشنها التحالف السعودي العربي حاليا، لكن على المدى الطويل سيمثل هؤلاء تهديدًا للمملكة.

لأسابيع تشن المملكة العربية السعودية غارات جوية على بلد يعاني الحروب والإرهاب. هذا هو الحل الوحيد، تقول الرياض، لقطع الطريق على منافسها الإيراني الكبير.. اليمن أفقر دولة في العالم العربي، لكن مصيره قد يكون له آثار تتجاوز الحدود.

تحتل اليمن موقعًا استراتيجيًا خاصة مضيق باب المندب، عصب التجارة البحرية العالمية؛ هذا المكان الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر البحر المتوسط ​​عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ففي عام 2013، عبر ما يقرب من 4 ملايين برميل نفط من هذا المضيق.

في الجانب الأفريقي الغربي، الأمريكيون والفرنسيون لهما قواعد عسكرية في جيبوتي؛ راداراتها ترصد تطور الأزمة في اليمن، بلد جبلي عدد سكانه نحو 25 مليون شخص، تسيطر عليه الانتماءات القبلية المتغيرة ومعقدة.

من يتذكر أن هذه الأراضي التي كان يطلق عليها "اليمن السعيد" نسبة إلى مملكة سبأ القديمة، تتمزق اليوم  بفعل العديد من النزاعات، سواء الصراع على السلطة أو الصراع الديني ومكافحة الإرهاب.

وفي لعبة الشطرنج الجيوسياسية للجهات الفاعلة في هذا البلد – كالسعودية – أول الضحايا هم المدنيون.

على مقربة من المملكة، كان الحوثيون منذ فترة طويلة جماعة متمردة لا يعرفها سوى المتخصصون في المنطقة، ينتمون إلى فرقة "الزيدية" إحدى طوائف المذهب الشيعي الذي ظهر مع ملوك اليمن القدماء، إلا أنهم استولوا في سبتمبر الماضي على العاصمة صنعاء، والآن ينتشرون في جميع أنحاء عدن، بعد تهميشها لسنوات.

من الذي يدعم هؤلاء المتمردون؟ الرياض تتهم طهران بتزويد الحوثيين بالأسلحة والخدمات اللوجستية، فنظام الحكم في السعودية، التي يوجد بها أحد أهم مزارين في الإسلام، لا يمكنها أن تصمت بعد خسارة العراق في عام 2003، واستلام سياسييين ينتمون للطائفة الشيعية الحكم  ويحظون بدعم إيران.

منذ ترسيم الحدود، الذي أيد ضم ثلاث محافظات في الجنوب بموجب معاهدة الطائف عام 1934، تعتقد السلطات السعودية أن استقرار اليمن جزء من الأمن الداخلي للمملكة، يقول ديفيد ريغولي روز، الباحث في المعهد الفرنسي للدراسات الاستراتيجية.

العائلة المالكة في السعودية لديها علاقات معقدة وغامضة مع عدة لاعبين في السياسة اليمنية، إذ يؤكد بيير رازوكس، مدير الأبحاث ومدرس في معهد العلوم السياسية في باريس أنه: "ما بين 1962 و 1970، على سبيل المثال؛ خلال الحرب الأهلية دعم السعوديون الأئمة الزيديين أجداد الجماعة الحوثية ضد الجيش المصري وجمال عبد الناصر ومن المفارقات، الرياض والقاهرة الآن حلفاء ضد الحوثيين "

ظلت البلاد مقسمة منذ أوائل القرن العشرين، وفي عام 1990، وبعد انتهاء الحرب الباردة، توحدت أراضيها في ظل حكم الرئيس علي عبد الله صالح، التطور الذي أيدته الرياض، وبعد مرور عشرين عامًا، وسقوط علي عبد الله صالح في موجة "الربيع العربي"، والسعودية تدعم الرئيس الحالي للدولة، عبد ربه منصور هادي الذي انتخب في عام 2012.

لكن النزاعات، التي تغذيها الخلافات الإقليمية أو القبلية أو الدينية، لم تتوقف أبدا، وازدادت مع انتفاضة الحوثيين الذين يملكون خبرة القتال منذ عام 2013.

"حكم اليمن.. الذي شببه الرئيس السابق بأنه مثل الرقص على رؤوس الثعابين".. يصعب على متتبع المشهد فهم ما يحدث هناك! والدليل هو "صالح" نفسه الذي أصبح الآن حليفًا للحوثيين، أعداؤه السابقين، على أمل أن المتمردين سيسهلون عودته للسلطة مرة أخرى بعد طردهم الرئيس عبد ربه منصور هادي، المقيم في الرياض حاليا، من قصره الرئاسي في مارس.

يوم 26 مارس، بدأت السعودية هجوما جويا يتوقف ثم يعود، ونادرا ما يحقق أهدافه. فصنعاء على وجه الخصوص، لا تزال في أيدي المتمردين الحوثيين.
 
السعوديون قد يضطرون في نهاية المطاف لإجراء عملية برية يشوبها التهديدات؟ البعض في الرياض مقتنعون بالفعل بذلك، ويرون أنه من الضروري اتخاذ هذه الخطوة: السعودية دخلت الحرب وكل شيء سيتغير.

قرار الهجوم، الذي جاء بعد فترة طويلة من الخمول بسبب مرض الملك السابق عبد الله، اتخذ بواسطة الملك الجديد سلمان المدعوم من قبل جيل الشباب من الأمراء الطموحين – بما في ذلك محمد بن نايف، وزير الداخلية، البالغ من العمر 55 عاما والذي تمت ترقيته كولي عهد للمملكة، ومحمد بن سلمان ، البالغ من العمر ثلاثين عاما وعين وزيرا للدفاع من قبل والده.

القرار جاء بحجة الحفاظ على الزعامة الإقليمية السعودية في مواجهة النفوذ المتزايد للمنافس الإقليمي الإيراني في المنطقة.

وخوفا من أن تطوق ، جمعت الرياض تحت لوائها ثماني دول عربية سنية أخرى، حتى وضع الحليف التاريخي الولايات المتحدة أمام الأمر الواقع. واشنطن تدعم هذه العملية من خلال توفير المعلومات والتزود بالوقود أثناء الطيران، لكن السعودية تشتبه في أن إدارة أوباما ترغب في إبرام اتفاق بأي ثمن مع طهران بشأن برنامجها النووي المتنازع عليه.

عسكريًا، النظام الملكي السعودي يشعر بأن أجنحته تنمو للمرة الأولى، بعد أن تولى الجيش قيادة العمليات الجوية الرئيسية في الائتلاف.

"يتطلب هذا مستوى جيد من العمل المشترك، يقول العماد جان باتريك جافيارد، الرئيس السابق لعمليات الجيش الفرنسي، فالتحالف يعمل كنموذج مصغر لقوات حلف شمال الاطلسي، ومع ذلك، قواعد الاشتباك أقل صرامة، حيث المئات من الضحايا مدنيون".

ومع حماس القادة الجدد، هل تقع السلطة السعودية في فخ؟ ليس من المستبعد"، يشير ديفيد ريغولي روز. هذا التدخل كان لا مفر منه بعد سيطرة الجماعة الحوثية على ميناء عدن، وبعيدا عن قاعدتهم في الشمال، لكن بعد القصف، ما هي الرؤية الاستراتيجية للرياض؟ يبدو أن النظام السعودي في مأزق لأن التحالف لا يبدو قادرا على غزو اليمن.

 بيير رازوكس يرى أن إيران اتهمت بشكل غير مباشر الرياض بدعم تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق، نظام طهران- وفق رازوكس- يريد دفع النظام الملكي العجوز لقبول مناقشة أوسع حول الوضع الإقليمي.

على غرار العراق وسوريا، يتجه اليمن إلى استقطاب طائفي جديد، وفي  انتظار التوصل إلى حل سياسي، يستفيد الجهاديون من الفوضى، حيث ظهر تنظيم الدولة إسلامية الذي تبنى هجوما في صنعاء، وهناك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي سيطر على ميناء المكلا ومرفأ نفطي.

هؤلاء لا تشملهم الحملة الحالية، فعلى المدى الطويل سيكونون مصدر تهديد للرياض أكثر خطرا من الحوثيين.