أخبار عاجلة

“لوموند” الفرنسية: السعودية لا تنصف الأقلية والوهابية أعلنت الحرب على “الرافضة”

السعودية / نبأ – أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنّ السلطات السعودية باتت تراقب الأقلية الشيعية السعودية في حين تقصف (منذ يوم 26 مارس) في اليمن، لاسيّما وأنّ المنطقة الشرقية تأوي حقول النفط الرئيسة في البلاد مثل حقل الغوار الّذي يوفّر ما يقرب من نصف الإنتاج الوطني، وذكرت الصحيفة، أنّ العشرات من سيّارات الجيب التابعة للشرطة اقتحمت وسط القطيف في بداية أبريل من العام 2011، لثني السكّان عن الردّ على دعوة للتظاهر، حيث خرج السكان للمطالبة بإنهاء التمييز الّذي تتعرّض إليه.

وأجرت الـ"لوموند" حديث مع عدد من الشخصيات الشيعية المقربة من النظام، والتي لا تعبّر آرائهم عن أهل المنطقة، بل يوظفهم النظام لستر حالة الغضب والتمييز الذي يتعرض له أهل المنطقة، وبدا الحديث مع هؤلاء أشبه بمسرحية إعلامية حينما سئل أحدهم عن ماهية المطالب التي يطالب بها أهل المنطقة، فكان ردّ إمام أحد المساجد (حسين العبّاس) -كما لو أصابه فقدان مفاجئ للذاكرة- على القول: “لم أعد أذكر. ولكن، على أيّة حال، أبواب الحكومة مفتوحة لنا دائمًا”، حسبما ذكرت الصحيفة.

وكانت الصحيفة قد ذكرت في بداية التقرير أنّ نحو عشرة "وجهاء" شيعة، تم إستدعاؤهم من قبل وزارة الإعلام، بمناسبة قدوم صحفي من "لوموند" إلى شرق المملكة، وكان، بحسب الصحيفة، رئيس محاكم المدينة (الشيخ محمد الجيراني) أوّل المتحدّثين، قبالة المصوّر الّذي يقوم بتسجيل المشهد، قائًلا في نبرة حزينة: “جميع أهالي القطيف يدعمون الحرب؛ فالدفاع عن البلاد واجب مقدّس“.

وتوجه الصحافي إلى قرية العوّامية، الضاحية ذات السمعة النارية باعتبار أنّها مسقط رأس أغلبية ضحايا انتفاضة 2011، واستقبل مراسل "لوموند" من قبل مجلس آخر مختلف تمامًا، أصغر سنًّا وأقلّ انصياعاً، حسب تعبيرها، وحول طبق من لحم الضأن وشرط ألّا تذكر أسماؤهم؛ أطلق نحو 30 شخصًا يعمل أغلبهم في شركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو” العنان إلى التعبير عن رفضهم لحرب اليمن.

ويقول أبو جعفر: “لا يمكن أن تفضي عمليّات القصف إلى أمر جيّد. ومن شدّة قتل الأبرياء، ستجعل المملكة العربية السعودية جميع اليمنيين ضدّها“. ويضيف أبو أحمد -الّذي يرتدي دشداشة بيضاء مثل جيرانه-: “لقد حافظت المملكة العربية السعودية دائمًا على عدم الاستقرار في اليمن لتبقيه تحت سيطرتها ويريد إقناعنا الآن أنّ التدخّل الحالي سيكون في مصلحة البلاد؟”.

ووفقاً لتقرير الصحيفة، يتمّ التعبير ضمناً عن استياء الشيعة السعوديين؛ إذ إنّهم مواطنون من الدرجة الثانية قي دولة جعلت من تكريس الإسلام السني سبب وجودها ويخشون أن يتحمّلون العبء الأكبر من النشوة الوطنية السائدة حالياً في المملكة العربية السعودية، قائلةً أنّ القادة السياسيون والعسكريون يسعون من خلال تصيحاتهم "العلنية" إلى عدم طأفنة العملية الجارية في اليمن.

وإعتبرت الصحيفة إلى أنّ العملية رسميًّا لا تهدف إلى إعادة حكومة عبد ربّه منصور هادي، ويمنع تصوير الخلاف على أنّه بين السنة والشيعة في وسائل الإعلام الحكومية.

وتحدث التقرير عن الشارع السعودي المعبء، مشيرةً إلى أنّ في الدوائر الوهابية، تسعد العديد من الأصوات بأنّ المملكة قد أعلنت أخيرًا الحرب على “الرافضة”، إحدى التسميات المهينة الّتي يطلقها المتشدّدون السنة على الشيعة. ويمتلئ موقع تويتر، الّذي يستخدمه السعوديون بشدّة، بدعوات إلى هزيمة “أعداء الدين” و”المجوس”و”الكفّار” و”أهل الأوثان” كمراجع مهينة للشيعة.

ونقلت الصحيفة عن نسيمة السادة_إحدى العاملات في مجال حقوق الإنسان_ إلى أنّ "الحرب على اليمن وحّدت السنة في كره الشيعة وإيران"، قائلة: "إن أغلبيتنا لا تنتمي إلى ولاية الفقيه وندرك أن هذا الصراع يتعلّق بمصالح جيوسياسية لا علاقة لها بالدين. ولكن، للأسف، قد نتضرّر بسبب الخطب اللاذعة مثل خطبة عائض القرني".

وذكرت الصحيفة أنّ ما حدث في عاشوراء (في نوفمبر) يسيطر على عقول الجميع؛ فخلال إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، أطلق مسلّحون ملثمون النار على قرية شيعية شرق المملكة ممّا أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وقد زاد استياء الناس في العوامية من اللغة الّتي استخدمها أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف؛ إذ يشير المسؤول البارز في القطيف “جعفر الشايب” أنّه: “في حفل استقبال بقصره في مدينة الدمام، وصف مرتكبي إطلاق النار في العوامية بـ (أحفاد عبد الله بن سبأ الصفوي. وهي إحدى الصيغ المستخدمة من قبل السلفيين لوصف الشيعة. هذا مهين للغاية“.

وتابعت أنّه في الرياض، لم يجب اللوء منصور التركي، المتحدّث باسم وزارة الداخلية، على السؤال حول هذه التصريحات التحريضية؛ إذ فضّل استحضار ضبّاط الشرطة الستّة الّذين قتلوا في الأشهر الثلاثين الماضية من قبل “إرهابيي العوّامية” وخطر وقوع هجوم على منشآت أرامكو، حسب تعبيرها.

إلّا أنّ المعارضين في العوامية ليسوا الوحيدين القلقين من صعود الخطاب المعادي للشيعة؛ ففي نهاية الاجتماع الّذي نظّمته وزارة الإعلام، ومع رحيل الأئمة، قرّر رجل الأعمال عبد المحسن الفرج الحديث بصراحة.

إذ يقول هذا المستثمر والعضو المنتخب الشيعي الوحيد في غرفة التجارة والصناعة السعودية الّتي تعدّ 52 عضوًا: “ما جدوى أن نقول إنّ ما يحدث ليس حربًا طائفية في حين أن رجال الدين في الرياض يمكنهم إهانتنا وسط إفلات تامّ من العقاب على موقع تويتر. إنّنا في حاجة إلى التنظيم وتحديد الخطوط الحمراء. فإذا ما شعر الشيعة السعوديون أنّ الحكومة لا تسمعهم، ستستغل إيران الفرصة للتسلّل عبر هذه الثغرات“، حسبما نقلت.