السعودية/ نبأ- كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن منظمة الدول المصدر للنفط "أوبك" قررت الإبقاء على إنتاجها من الخام عند مستويات عالية في اجتماعها نصف السنوي بالعاصمة النمساوية فيينا بهدف تضييق الخناق على المنتجين ذوي التكلفة العالية وإبعادهم عن السوق، معبرة في الوقت ذاته عن ثقتها الكاملة في كسب المعركة التي تخوضها لصالح المستهلك النهائي للخام.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته الجمعة على موقعها الإلكتروني، إن سعر مزيج خام برنت القياسي العالمي يمضي في مسار تسجيل أعلى خسارة أسبوعية منذ مارس الماضي على الرغم من ارتفاع الأسعار على نحو طفيف في الوقت الذي تلى ختام إجتماع " أوبك" نصف السنوي في العاصمة النمساوية فيينا.
وأضاف وزير البترول السعودي علي النعيمي خلال مغادرته مقر "أوبك: “ سوف تندهشون من المناخ الودي الذي ساد اجتماع المنظمة،" مؤكدا في الوقت ذاته على موافقة "أوبك" على الإلتزام بـ "نفس سقف الإنتاج.”
وقفزت أسعار النفط منذ أن هبطت إلى أدنى مستوياتها في ست سنوات، مسجلة 45 دولار للبرميل في يناير الماضي لكنها فقدت أكثر من 5% هذا الأسبوع مع اقتراب سعر تداول برنت قرب 62 دولار اليوم- الجمعة.
وأشار التقرير إلى أن السعودية وحلفائها من الدول الخليجية مقتنعين تماما بأن سياساتهم التي تميل إلى عدم فرض قيود على مستويات الإنتاج النفطي قد ساعدت على تعزيز الطلب وكبحت الطفرة من العمليات مرتفعة التكلفة مثل النفط الصخري الأمريكي وقلصت الاستثمارات في مشروعات النفط الكبرى.
وأضاف النعيمي: “الإنتاج النفطي حق سيادي. إنهم أحرار في أن يفعلوا ما يريدون.”
وقال ردا على سؤال إن كانت العودة إلى مستوى 100 دولار للبرميل ممكنة "أقول للعالم لا تنشغلوا بالأسعار، لأنها تحدد في السوق وهناك الكثير من المضاربين، وفي الأسواق عناصر عدة، والأسعار تتغير يوميا ارتفاعا وانخفاضا".
ودافع النعيمي عن قرار عدم خفض الإنتاج رغم تراجع الأسعار الذي أخذته أوبك خلال اجتماعها السابق في نوفمبر، قائلا إنه كان مبنيا على أساس توقعات ثبتت صحتها.
وفي ذلك الوقت قالت السعودية، أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، إنها لن تخفض الإنتاج للإبقاء على الأسعار مرتفعة.
ورد النعيمي عندما سئل عما إذا كانت المملكة قد زادت وتيرة الحفر بأن "ما يقال ليس صحيحا. في الواقع مستوى الانخفاض الطبيعي في الآبار السعودية هو الأقل في العالم، ويراوح بين 4 و6 %".
ولم يناقش إجتماع " أوبك" مسألة رفع المستوى المستهدف الرسمي لها بمقدار مليون برميل إلى 31 مليون برميل يوميا في محاولة منها لجعله متوافقا لدرجة أكبر من الناتج الحقيقي للمنظمة.
من جهته، قال سهيل محمد المزروعي وزير النفط الإماراتي إن السوق يمر بمرحلة إنتقالية، ومن ثم فهو ليس مستقرا،" مضيفا " نحن متفاءلون حيال ما شهده الربع الأول من العام الحالي من حيث تصحيح الأسعار.”
وكانت الدول المصدرة للنفط قد قررت في اجتماعها المنعقد في نوفمبر الماضي التخلي عن دورها التقليدي في دعم الأسعار عبر خفض الانتاج ودافعت بدلا من ذلك عن حصتها السوقية وغيرت بذلك خارطة الطاقة العالمية.
وتأثرت موازنات الدول المصدرة للنفط مع قيام مجموعات الطاقة الكبرى في العالم بتعليق أو حتى خفض الإنفاق على مشروعات النفط العالمية الجديدة والبالغ قيمته 100 مليارات دولار.
وهبطت أسعار الخام من 115 دولار للبرميل في يونيو الماضي إلى 45 دولار للبرميل في يناير عقب قيام المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، مع باقي دول " أوبك" بتبني الاستراتيجية الجديدة للمنظمة.
ولا تتعجل "أوبك" معالجة أسئلة صعبة ستطفو على السطح خلال الأشهر المقبلة مع استعداد أعضاء مثل إيران وليبيا لزيادة حجم إنتاجهم النفطي بعد سنوات من التراجع.
وتسعى إيران للضغط على أعضاء المنظمة الآخرين لإفساح المجال لها في زيادة المعروض بما يصل إلى مليون برميل يوميا فور تخفيف العقوبات الغربية المفروضة عليها حال التوصل لاتفاق مع مجموعة (5+1) بشأن برنامجها النووي.
كما تأمل ليبيا التي تعاني من صراع مسلح في زيادة الإنتاج إلى حوالي مليون برميل يوميا في سبتمبر في حال إعادة تشغيل الموانئ الرئيسية.
وارتفعت أسعار النفط نحو دولار للبرميل بعد قرار أوبك معوضة بعض الخسائر التي منيت بها هذا الأسبوع بدعم من أنباء عدم رفع أوبك سقف إنتاجها ليضاهي المستويات الحالية لإنتاجها الفعلي الذي يتجاوزه بكثير.
ويؤجل قرار اليوم مناقشة عدد من الأسئلة الصعبة المتوقع أن تثار في الأشهر المقبلة مع استعداد أعضاء مثل إيران وليبيا لإعادة فتح الصنابير بعد سنوات من تراجع الإنتاج.