أخبار عاجلة

الكرامة تنتصر: عقدٌ من الدمِ والشهادة على ارتقاء الشيخ النمر .. حينَ يهزمُ الفكرُ المقصلة

نبأ – تمثّل الذكرى العاشرة لإعدام الشيخ نمر باقر النمر محطةً مفصلية لا لاستذكار رحيل جسد، بل لقراءة مسارٍ دموي اتخذ من القتل السياسي أداةً لإدارة المعارضة وتكبيل الوعي.

لم يكن الشيخ النمر مجرد صوتٍ احتجاجي، بل كان نقطة تكثيفٍ كشفت عورة القمع الممنهج في السعودية؛ حيث تحوّل القضاء من منصة للعدالة إلى مقصلةٍ تُصفى عبرها أصواتُ الحق بضمانات غائبة واعترافاتٍ انتُزعت تحت سياط الإكراه.

عشر سنواتٍ مضت، لم يكن فيها الإعدام حدثاً عابراً في سياقه الزمني، بل “سابقةً سياسية” شرّعت الأبواب لسياسة الردع الجماعي. لقد استهدف نظام آل سعود بإعدام الشيخ بيئةً اجتماعية كاملة في القطيف والأحساء، في محاولةٍ يائسة لتجفيف منابع الاعتراض وفك الارتباط الرمزي بخطابه الذي فضح التمييز وحفّز الكرامة. هذا النهج الانتقامي، الذي يحاكي في جوهره أساليب الاحتلال الصهيوني في العقاب الجماعي، جعل من الإعدامات المتصاعدة منذ عام 2016 رسالة ترهيبٍ لكل من ينادي بالحقوق، موهماً العالم بإصلاحاتٍ ظاهرية تخفي خلفها زنازين مكتظة ومقاصل لا تهدأ.

على الصعيد الدولي، ظلّ التواطؤُ سيّد الموقف؛ حيث قُدّمت المصالح الاقتصادية والطاقة على دماء الأبرياء، مما عزز قناعة القاتل بأن كلفة القمع محدودة. لكنّ الأخطر هو تحول القمع إلى “سياسة عامة” تخلط بين “مكافحة الإرهاب” وتجريم حرية التعبير، مما خلق فجوةً سحيقة بين خطاب “التحديث” المعلن وواقع “المقصلة” الفعلي.

اليوم، يثبت التاريخ أن الدم أقوى من حد السيف. إن قضية الشيخ النمر لا تزال تنبض في تقارير الحقوقيين وضمائر الأحرار، كمرجعيةٍ سياسية وأخلاقية تُكذّب رواية النظام وتؤكد أن قمع الأجساد لا يعني أبداً وأد القضايا العادلة. سيبقى الشهيد النمر شاهداً على أن أي مشروع “إصلاح” يستند إلى جماجم المعارضين هو مشروعٌ هش، وأن الحقوق التي تُطالب بها الشعوب لا تموت بالتقادم أو بالإعدام.