نبأ – لم يكن صباح القطيف عاديًا لدى كثير من أبنائها، إذ استيقظت المحافظة على وقع قرارات إدارية وُصفت بأنها الأخطر في تاريخها. قرارات أعادت رسم الجغرافيا، وفتحت بابًا واسعًا من التساؤلات والقلق لدى الأهالي، الذين رأوا فيها مساسًا بالهوية التاريخية والاجتماعية للمنطقة.
وبحسب بيان صادر عن مجلس هيئة تطوير المنطقة الشرقية في 28 ديسمبر الجاري، شرعت السلطات السعودية في تنفيذ إجراءات تقسيم القطيف إلى محافظتين: الأولى شرقية احتفظت باسم «محافظة القطيف»، وأخرى غربية مستحدثة حملت اسم «محافظة البيضاء». خطوة رآها كثيرون من أبناء المنطقة نهاية لوحدة إدارية وتاريخية امتدت لعقود، بل لقرون، كانت فيها القطيف كيانًا متماسكًا جغرافيًا وسكانيًا وتراثيًا.
أهالي القطيف، الذين طالما اشتكوا من التهميش التنموي والقمع الممنهج، رأوا في هذا التقسيم امتدادًا لمسار طويل من القرارات التي تُتخذ دون إشراكهم فيها أو مراعاة خصوصية المنطقة الثقافية والاجتماعية. فيما يخشى كثيرون أن يؤدي هذا الإجراء إلى تفكيك النسيج الاجتماعي، وإضعاف المطالب الجماعية المتعلقة بالخدمات، والتنمية، والحقوق المحلية.
وفي هذا السياق، أقرّ المجلس مشروع المخطط الشامل لمحافظة البيضاء، في خطوة تؤكد المضي قدمًا في ترسيخ الواقع الإداري الجديد. كما وافق المجلس على سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي وُضعت في سياق التنمية وأُعطيت عناوين جذابة مثل «الرؤى والتوجهات المستقبلية للمخطط الإقليمي والمخططات المحلية للمنطقة الشرقية»، إلى جانب إقرار الدليل العمراني لعربات الطعام المتنقلة في المنطقة الشرقية، ضمن حزمة قرارات تنظيمية أوسع.
بين الخرائط الجديدة والحدود المستحدثة، يبقى سؤال معلّق في أذهان الأهالي: هل ما جرى هو مشروع تطوير إداري، أم حلقة جديدة في سلسلة طويلة من القرارات التي يشعر معها أبناء القطيف بأن تاريخهم يُمحى، وجغرافيتهم تُعاد صياغتها بعيدًا عن إرادتهم؟
سؤال مفتوح، فيما تمضي القرارات قدمًا، وتبقى مظلومية الأهالي حاضرة في المشهد، تبحث عن اعتراف قبل أي مخطط، وعن إنصاف قبل أي تقسيم
قناة نبأ الفضائية نبأ