وفاة سعود الفيصل خارج المملكة، يعني أنّ الخارجيّة السعوديّة لم تكن بخيرٍ في يومٍ ما، ومنذ أربعين سنة ويزيد.
كان الفيصل يضع يده على السّياسة الخارجيّة للمملكةِ، ويُمسك بأمْرها وأمورها. وإذا كان موتُه غيرَ مفاجيء، وغيابُه عن مقعد الخارجيّة سبقَ موته، فإنّ الشّهية الجديدة التي تفتحتها وثائق ويكيليكس لقراءة العقل السّعوديّ الخارجيّ؛ سوف تُعيد استحضار سعود الفيصل طويلاً بعد وفاته، ولاسيما مع التّركة الثقيلة من الأزماتِ، والفوضى، والفساد، والأحقاد التي وُضعت بين يدي منفّذ السياسة الخارجية عادل الجبير.
موت الفيصل، من جهةٍ أخرى يفتح البابَ من جديدٍ على قصّة الأسرة التي يزحف إليها الانهيار زحفاً، وكأنّها آيلةٌ دوماً إلى السّقوط، لولا اللّحظةِ المناسبة التي لا تأتي. جناحٌ يضعف وآخر يقوى من أجنحة الأسرة الحاكمة.. وما بين الضّعف والإضعاف يخرج أمراء إلى النّاس وهم يرتدون لباس الاستضعاف، في تشكيلةٍ جديدةٍ من الانهيار الوشيك للعقْد السّميك من الحكم الذي يستنجد بالحروب الخارجية والإشغال بالفتن الكبرى، لعلّه يمدُّ من أنفاسِه ويُطيل أياماً أو سنوات من عمره.. ولكن “كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت”…