السعودية / نبأ – تقول دراسة أعدتها شبكة مراكز بحثية وسياسية عربية اسمها "مبادرة الإصلاح العربي"، أنّ السعودية لا تعتبر الإخوان المسلمين تهديداً بل تشاطرها الأهداف في حالات مثل سوريا واليمن، وأن استراتيجية الملك "سلمان" الجديدة تتمثّل في توحيد أكبر قدرٍ ممكن من الإسلاميين السّنّة كسلاح لإضعاف تكتل طهران المتماسك المكوّن معظمه من الشيعة.
ولفتت إلى القاءات التي شهدتها المملكة مؤخرًا والتي جمعت مسؤولين سعوديين بقيادات من الإخوان في اليمن والأردن وتونس وفلسطين، كما حضرت قيادات في "تحالف دعم الشرعية" الذي يسعى لإعادة الرئيس المصري "محمد مرسي" للسلطة، اجتماعًا لرابطة العالم الإسلامي مؤخرًا بالمملكة.
ويبدو أن التحركات السعودية للتقارب مع الإخوان ناجمة جزئياً عن عدم وضوح الموقف المصري بشأن عدد من القضايا التي تشغل بال المملكة، كالحرب في اليمن وسوريا، وهي التحركات التي جعلت السلطة في مصر تسمح للإعلام بمهاجمة المملكة، بحسب الدراسة، فيما يرى مراقبون آخرون أنّ هذا التقارب السعودي – الإخواني، هو السبب في مواقف مصر الأخيرة في اليمن وسوريا خصوصاً.
ولفتت الدراسة إلى أنّ الملك سلمان يؤيد الفصائل الدينية المحافظة، في حين أصبح الموقف السعودي تجاه التطرُّف والجماعات الجهاديّة أشدّ حساسية. ويشكِك الكثيرون بالسياسة الإقليمية الجديدة للمملكة ويرونَها متناقضةً ومهددة لاستقرار المنطقة المستقبليّ.
توافق في الأهداف
وأشارت الدراسة إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين لم تعد تعتبر تهديداً مباشراً للمملكة بل هي تشاطرها الأهداف السياسيّة، كهزيمة "الأسد" في سوريا، وأنصارالله في اليمن. في نفس الوقت، ترى جماعة الإخوان المسلمين والحركات السياسيّة السنّيّة الأخرى، التي تتراوح بين حزب العدالة والتنميّة في تركيا وحزب النهضة في تونس، مصالحها أكثر اتساقاً مع قيادة الملك سلمان.
حيث دعم معظم النشطاء الإسلاميين البارزين في المملكة العربية السعودية والأردن والكويت والبحرين، العدوان السعودي على اليمن، فضلاً عن الدعم المسلّح للجماعات المسلحة في سوريا كما تركيا وقطر.
وقالت الدراسة أنه بغرض الاستفادة الكاملة من قتال المملكة ضد أنصار الله في اليمن ومواقف "الأسد" في سوريا، اختار الملك سلمان، بمساعدة الاستخبارات العامة والمباحث، الوِفاق التكتيكيّ مع الجماعات المرتبطة بالقاعدة: تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة في اليمن، إضافةً إلى جبهة النّصرة وأحرار الشام في سوريا، وأن مثل هذا التّحرك التكتيكيّ يطمح إلى الحدّ من النفوذ الإقليميّ الإيرانيّ في الشرق الأوسط ومحاربة تنظيم "الدولة الإسلاميّة"، وتختلف هذه الخيارات الاستراتيجية التي اتخذها الملك «سلمان» اختلافاً جذرياً عمّا كان لسلفه الملك عبد الله.
فسياسة الملك سلمان الإقليميّة لا تجد من المجدي أن يتم وضع إيران وحلفائها الشيعة، حسب تعبيرها (حزب الله أو انصارالله)، والحركات السُّنِّية الجهاديّة (الدولة الإسلامية، جبهة النّصرة، أحرار الشام)، والتيّار الإسلامي الرئيسي متمثلاً بالإخوان المسلمين كلها على نفس مستوى التهديد.
وهي تعتبر في نفس الوقت، بأن هذا الشمول سيؤدي إلى الفشل، كما حدث في عهد الملك عبد الله، لذلك كانت استراتيجية الملك سلمان الجديدة تتمثّل في توحيد أكبر قدرٍ ممكن من الإسلاميين السّنّة لإضعاف تكتل طهران.
صفعة للإمارات ومصر
وتشير الدراسة لرأي خبراء "أن المملكة العربية السعودية وجهت صفعة لكل من الإمارات العربية المتحدة والنظام الحاكم في مصر، بعد استقبال سفارة المملكة في الدوحة للشيخ يوسف القرضاوي المحكوم عليه غيابيا بالإعدام في مصر، والذي تربطه علاقة وثيقة بالإخوان المسلمين، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المصنف من قبل الإمارات باعتباره تنظيمًا إرهابيًا بجانب الإخوان المسلمين".
وجاء ظهور القرضاوي في حفل السفارة السعودية بقطر تتويجًا لسلسة من الخطوات التي أقدمت عليها المملكة مؤخرًا، عبر التقارب مع الإخوان المسلمين بهدف تشكيل حلف سني يواجه النفوذ الإيراني الشيعي في المنطقة.
ورصدت صحيفة "تليجراف" البريطانية، وجود ما يشبه التحالف السني في المنطقة بين أطراف كانت العلاقات متوترة بينها حتى مطلع العام الجاري.
وأبرزت الصحيفة جلوس السفير السعودي في الدوحة، ورئيس الوزراء القطري، والشيخ "يوسف القرضاوي" جنبًا إلى جنب في احتفال السفارة السعودية بالعيد الوطني.
وأضافت أن السعودية حتى مطلع العام الجاري، كانت قوة قيادية معارضة للإخوان المسلمين والإسلام السياسي الذي دعمته قطر، إلا أن التقارب الجديد يدل على أن الحرب ضد إيران الشيعية ووكلائها كنظام «بشار الأسد» استدعت تنحية الخلافات السنية جانبًا.
وتحدثت الصحيفة عن أن روسيا التي تدخلت عسكريًا لتقوية الموقف التفاوضي لـ"بشار الأسد"، ربما تجد أن قوى أخرى على الجانب الآخر تحذو حذوها، لكن في دعم قوى المعارضة السورية.
مكاسب داعش من تحجيم الدور الإيراني
وتقول الدارسة أنه رغم تضرر المملكة من سياسات تنظيم «داعش»، إلا أن تحجيم النفوذ الإيرانيّ والشيعيّ ظل أولويةً في السياسة الإقليميّة الجديدة الصارمة للمملكة العربيّة السعودية، وتحدّياً لطموحات المملكة الداخليّة والإقليميّة، بينما ينتهز تنظيم «الدولة الإسلاميّة» هذا الوضع لتغذية نزاعٍ طائفيّ جديد.