اليمن / نبأ – أكدت صحيفة «الأخبار» اللبنانية اليوم الثلاثاء احتدام الصراع بين قطبي العدوان على الشعب اليمني : السعودية و الإمارات وحلفائهما نتيجة اختلاف المصالح و الأولويات ، و قد لعب حزب «الاصلاح» علي وتر الخلافات بين القطبين وبدا ذلك جلياً في الأيام الماضية ، حين خرج دور «الإصلاح» من العمليات الأمنية التي يرعاها في الجنوب إلي الضوء ، بعدما شنّ حملة اتهامات عنيفة ضد الدور الإماراتي في اليمن ، معيداً إلي الواجهة الخلاف القديم بين أبو ظبي و«الإخوان».
واضافت «الأخبار» أن انسحاب «الدفعة الأولي» من القوات الإماراتية من اليمن أعاد الصراع الإماراتي ــ السعودي في المناطق الجنوبية إلي الواجهة من جديد . ومنذ هجمات عدن الأربع التي استهدفت الوجود العسكري الإماراتي و الأطراف الموالية له في فندق «القصر» قبل أسابيع، طفت تلك الخلافات علي السطح من جديد ، غير أن التذمر المتصاعد لحزب «الإصلاح» (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) من موقف الإمارات و أدائها في اليمن سعّر الصراع بين الطرفين، كما أثار تساؤلات حول العمليات التي تستهدف الوجود الإماراتي في عدن وفي مناطق يمنية أخرى.
وكانت مصادر محلية أفادت في وقتٍ سابق بأن العمليات التي استهدفت القوات الإماراتية في عدن ومقر حكومة خالد بحاح نفذتها ميليشيات تابعة لتنظيم «داعش» ومتحالفة مع حزب «الإصلاح»، وتقف خلفها السعودية بهدف إرغام بحاح وفريقه علي مغادرة عدن وسحب بساط السيطرة العسكرية من تحت القوات الإماراتية. وبالتالي، يصبح وجود الإمارات ضعيفاً الي جانب وجود قوات سودانية لا دور حقيقياً لها في المعادلة التي تريدها السعودية هناك.
وخلال الأيام القليلة الماضية، شنّ الإعلام التابع لحزب «الإصلاح» حملة ضد الإمارات والجهات المؤيدة لها والمتمثلة خصوصاً ببحاح وبالشخصيات المحسوبة عليه . وفي الوقت الذي نشبت فيه خلافات بين عبد ربه منصور هادي المحسوب علي السعودية ، و بحاح المحسوب علي الإمارات ، وصلت إلي حدّ إصدار الأول قرار إقالة بحق الثاني (لم يعلَن رسمياً) ، تناول إعلام «الإصلاح» القرار بحفاوة، حيث وصفت الصحف بحاح بـ«العميل الذي يتخابر مع أنصار الله سراً» . وبحسب مصادر مطلعة، أعقب القرار خلاف حاد بين بحاح وهادي يجسّد الصراع السعودي الإماراتي.
ويتمحور هذا الخلاف بحسب الصحيفة، حول دور «الإخوان المسلمين» ونفوذهم في الجنوب وفي جبهات «المقاومة» (المجموعات المسلحة المؤيدة للتحالف) في مأرب وتعز ، و كذلك حول وجودهم العسكري في الجنوب وتحالفهم مع هادي وميليشياته ومع المجموعات المتطرفة المدعومة سعودياً في مقابل بعض فصائل «الحراك الجنوبي» وخالد بحاح وأنصاره الذين يحظون بدعم إماراتي.
وكانت الإمارات قد سحبت قواتها الموجودة في اليمن نهاية الأسبوع الماضي بعد الخسائر التي تكبدتها في أكثر من جبهة، كان آخرها في مأرب. وأرسلت الإمارات قوات جديدة سمتها «الدفعة الثانية» ، يصل عديدها بحسب «الأخبار» إلي نصف عديد الدفعة السابقة، كذلك الأمر بالنسبة إلي مستوي أسلحتها . ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن الدفعة الجديدة ليست سوي قوات استأجرتها الإمارات من شركة «بلاك ووتر» لاستقدام قوات أجنبية إلي عدن.
من جهته، أصدر حزب «الإصلاح» بياناً تحت عنوان «حزم المملكة يصطدم بمشاريع محلية وإقليمية لا ترتقي إلي طموحات الشعب اليمني» ، هاجم فيه الإمارات علي خلفية سحب قواتها من اليمن. وتحدث البيان الذي نشره الموقع الرسمي لحزب «الإصلاح»، مساء الجمعة الماضي ، عن «بعض التحركات التي تعيق التضحيات التي قدمتها المملكة في سبيل إعادة الامل» . و قال البيان الذي نُشر لساعات، قبل أن يجري حذفه عن الموقع: «اليوم نجد أن دولاً وأنظمة تعمل علي إفشال المملكة من داخل منظومة التحالف العربي وذلك من خلال تنفيذ أجندة أقل ما يمكن وصفها بالمشبوهة والتي تهدف إلي إدخال المملكة في قضايا جانبية لا تخدم الهدف العام» . ويضيف: «إنهم يدفعون بالأمور إلي الفشل الذريع، تارةً تحت مبرر الخشية من التيار الإسلامي وطوراً تحت مبرر الحفاظ علي التوازن ولو علي حساب بقاء الحوثي ونفوذه»، في إشارة واضحة إلي الإمارات وموقفها من تيار «الإخوان المسلمين» الذي يمثله «الإصلاح» في اليمن . واتهم البيان الذي تحدّث عن جهود «التحالف» في مواجهة ما سماه «مشاريع الانفصال والتشظي» ، اتهم قيادات سياسية بأنها استغلت «تسامح» المملكة فعملت علي إرباك توجهات هادي و ساهمت في إفشال دور الشرعية في المناطق المحررة ، معتبراً أن أدوارهم تتفق مع « دور إحدي دول التحالف ومن معها من المسكونين بفوبيا التيارات الإسلامية والتي تتعمد إرباك الوضع العسكري بسحب قوات وإحلال أخري في وقت حساس»، في احتجاج واضح علي سحب الإمارات قواتها خلال الأيام الماضية . كما اتهم البيان الإمارات بالوقوف خلف عمليات الاغتيالات والتصفيات في عدن في محاولة لخلط الأوراق . غير أن الوقائع تشير إلي أن الشخصيات التي تمت تصفيتها ليست محسوبة علي «الإصلاح» ولا علي التيار الموالي لهادي والسعودية، بل إن العمليات تحمل بصمات «داعش» و«القاعدة» المتحالفين مع «الإصلاح» ومع ابن هادي الذي يحرّك تلك العناصر، بحسب مصدر مطلع في عدن .
وفي غضون أقل من ساعتين علي نشر ذلك البيان الذي اختتمه «الإصلاح» بنصيحة موجهة للإمارات بالتراجع عن تلك المشاريع التي «تخدم أعداء المملكة»، نشر موقع «الإمارات 24» تقريراً هاجم فيه حزب «الإصلاح» ومتهماً إياه بـ«الكذب والتزوير» . التقرير كشف تصفية عناصر في «الإصلاح» لقياديين تابعين للحزب نفسه ، علي خلفية خلاف داخلي ونُسب مقتلهما إلي «أنصار الله». وفي سياق الصراع نفسه بين أطراف العدوان ، أكد مصدر في «الإعلام الحربي» ، أول من أمس، أن انفجاراً عنيفاً هزّ معسكر المسلحين في صحن الجن في محافظة مأرب، حيث تتجمع القوات الإماراتية وبعض الميليشيات الموالية لها ، وأكدت الأنباء الأولية بحسب «الإعلام الحربي» مقتل 18 وجرح العشرات.
يذكر أن كتيبة من المسلحين تلقت توجيهات من بعض القيادات بالهجوم نحو مديرية صرواح، إلا أنهم رفضوا ذلك بعد الهزائم التي تلقوها أخيراً في محيط معسكر كوفل، ما أدي إلي نشوب خلاف بينهم، وهو ما أثار تداعيات كبيرة في صفوف المسلحين هناك. وتفاقمت الخلافات وانتقلت إلي معسكر المنطقة الثالثة في مأرب . وبحسب مصادر محلية لـ«الإعلام الحربي»، اندلعت اشتباكات صباح أمس بين المسلحين المؤيدين للتحالف في المنطقة الثالثة بعد يوم من الانفجار الذي هز معسكر صحن الجن، وسقط علي أثره عشرات القتلي والجرحي في صفوف ميليشيات «التحالف».