أخبار عاجلة

حلفاء السعودية يطرحون بصمت “صفقة” إنتخاب رئيس للبنان: اللعب في الدائرة المفرغة

لبنان / نبأ – أشارت صحیفة "الأخبار" اللبنانیة إلی طرح کل من رئیس تیار "المستقبل" النائب سعد الحریري، ورئیس "الحزب التقدمي الاشتراکي" النائب ولید جنبلاط، بترشیح رئیس تیار "المردة" النائب سلیمان فرنجیة لانتخابات رئاسة الجمهوریة اللبنانیة، کاشفة عن نصائح وجهها الرئیس السوري بشار الأسد والأمین العام لحزب الله السید حسن نصر الله للنائب فرنجیة في هذا المجال.

نصائح بشار الأسد والسید نصر الله لسلیمان فرنجیة، أصل الحکایة

وأوضحت الصحیفة في تقریر لرئيس مجلس إدارة الصحيفة ابراهيم الأمين، نشرته الیوم الثلاثاء أنه قبل أکثر من شهرین، وتحدیداً قبل إعلان روسیا تدخلها العسکري في سوریا، تولّی جنبلاط تقدیم المشورة السیاسیة. قال لمن یهمه الأمر: "فریقنا لیس في وضع جید، لا في سوریا ولا في الیمن والعراق ولبنان، ویبدو أن التطورات قد تصبّ في مصلحة الخصوم. وإذا ربطنا مصیر التسویة المحلیة بما یجری من حولنا، فإن ما یمکن أن نحصل علیه الیوم، قد یصبح حلماً بعید المنال لاحقاً. لذلك، یجب الإسراع باقتراح حل".

کعادته، لم یتأخر جنبلاط بحسب الصحیفة، في إثارة الأمر من حوله، إلی أن أنجز مروحة من الاتصالات شملت، في المرحلة الأولی، سفراء الولایات المتحدة وفرنسا وبریطانیا والسعودیة. وتولی أصدقاء له، من مستشاري الحریري، تبادل الأفکار بین بیروت والریاض وباریس، إلی أن حُدّد له موعد لزیارة السعودیة. هناك، عندما قابل الملك النائم سلمان، والملك المتیقظ محمد بن سلمان، ثم رئیس المخابرات خالد الحمیدان، هناك طرح (جنبلاط) الأمر بصورة أکثر وضوحاً، وبما یتناسب مع الأذن السعودیة. کان التدخل الروسي في سوریا قد بدأ، ما أتاح لجنبلاط التحدث براحة أکبر. قال "إن التدخل سیمنع سقوط بشار الأسد، وأکثر من ذلك، سیحرّر حزب الله من ضغوط کثیرة نتیجة تدخله العسکري في سوریا، وإذا سارت الأمور نحو انتصارات للفریق الآخر، فسوف یکون لبنان أمام واقع جدید".
 
وفي دغدغة لمستمعه السعودي، اعتبر جنبلاط "أننا أمام فرصة تنظیم تسویة وفق اتفاق الطائف الذي یحمي مصالحنا ومصالحکم. أما إذا تأخرنا، فإن الشیعة، ومعهم المسیحیون، سیعملون علی إدخال تعدیلات تمنحهم المواقع الأکثر نفوذاً. لذلك، علینا المبادرة إلی اقتراح تسویة علی أساس الوقائع القائمة الیوم، بما فیها من توازنات. وهذا یتطلب التنازل للطرف الآخر في نقطة حساسة، وأن نعرض علیه عرضاً لا یمکنه رفضه".

وتقول الصحیفة: "کان جنبلاط، إلی ما قبل زیارته للسعودیة، یفکّر في عون رئیساً للجمهوریة. لکنه لاحظ ـــــ إلی جانب أنه شخصیاً لا یری فیه إلا کمیل شمعون آخر ــــ أن عون یمثل، بالنسبة إلی السعودیة، ظلّ إیران في لبنان، لأن تحالفه مع حزب الله لا ینافسه علیه أحد. هنا، لمعت فکرة ترشیح فرنجیة، "وإن قال أحد إنه صدیق بشار الأسد، فالجواب جاهز: وإن یکن. هل الأسد قادر علی فك حرف فی لبنان الآن؟".

وتضیف الصحیفة: "السعودیون الذین کانوا قد تلقّوا إشارات فرنسیة وأمیرکیة وبریطانیة حول الفکرة، لم یُبدوا ممانعة. لکنهم رفضوا إطلاق العنان لماکینة عمل سریعة. طلبوا من الحریري الراغب في العودة إلی الحکم بأي ثمن التفاعل مع جنبلاط، فیما عمدت الریاض إلی التشاور في الأمر مع الأمیرکیین، ثم مع الفرنسیین. وأبلغت الأخیرین: سیزورکم الرئیس الإیراني حسن روحاني قریباً. قدّموا له المفاجأة الکبری بالموافقة علی انتخاب الحلیف فرنجیة رئیساً للجمهوریة. عندها، ستفرض إیران القرار علی حزب الله لتسیر الأمور. علی أن یُعقد، في غضون ذلك، لقاء بین فرنجیة والحریري الذي اطلع علی نتائج زیارات دبلوماسیین غربیین لفرنجیة، وعلی محصلة الأجوبة عن أسئلة حملوها إلیه".

وأشارت الصحیفة إلی أن فرنسا وجدت في العرض ما قد یعیدها لاعباً قویاً في لبنان. وقالت إن مقتلة "داعش" الباریسیة أدت إلی إلغاء زیارة الرئیس الإیراني حسن روحاني، إلی فرنسا، لکن برنامج اللقاء بین الحریری وفرنجیة ظل مقرراً. عولجت بعض الشکلیات في اللحظات الأخیرة، والتقی الرجلان. بادر الحریري فرنجیة بالقول: "نحن موافقون علی انتخابك رئیساً للجمهوریة. یجب أن نتحدث في بعض الأمور، وسنتفاهم علی آلیة إقناع الجمیع في بیروت. ولنتفق: فریق 14 آذار من مسؤولیتنا، وعلیك إقناع فریق 8 آذار".

وقالت "الأخبار": قبل اللقاء، کان فرنجیة قد تأخر حتی اطلع علی کامل المشاورات. وللأمانة، یجب القول إنه لم یبادر إلی تسویق نفسه لدی أحد، لا جنبلاط ولا الحریري ولا الأطراف الإقلیمیة والدولیة. لکن الأخبار التي تواترت إلیه، واستقبالاته السیاسیة والدبلوماسیة، کوّنت لدیه صورة عن وجود مقترح من جنبلاط والحریري، بمبارکة أمیرکیة ــــ فرنسیة ــــ سعودیة، لانتخابه رئیساً. وکعادته، بادر إلی الاتصال بصدیقه الرئیس الأسد، وزاره لتمضیة یوم عائلي استمر ساعات طویلة، ووضعه في صورة الاتصالات مستمزجاً رأیه".
 
وأضافت الصحیفة: "لم یکن الأسد متحفظاً، لکنه قال لفرنجیة: "تعرف أنني في لبنان أثق بما یقوله السید حسن. اذهب إلیه وشاوره، وما تتفاهمان علیه أسیر به". بعد أیام، قصد فرنجیة السید نصر الله وأثار معه الملف بکامله. کان السید نصر الله في أجواء غالبیة المعلومات، لکنه استمع من فرنجیة إلی ما یساعده علی نصحه، وهو ما فعله. قال له: "تمهل ولا تستعجل، واسمع ما یقوله الطرف الآخر، ولا تدخل في التزامات. لدینا کل الوقت، ووضعنا من حسن إلی أحسن في المنطقة. وانتبه، فربما یکون هناك من ینصب لنا فخاً لیفکّك جبهتنا. وأنت تعرف أننا متفقون علی العماد عون مرشحاً لفریقنا".

وأکدت الصحیفة أن فرنجیة "لم یخرج من اجتماعیه مع الأسد والسید نصر الله بانطباع سلبي. لکنه لم یحصل علی تفویض أو مبارکة. وعندما ذهب إلی باریس، کان یرید التأکد من جدیة الطرف الآخر. وحتی عندما عاد إلی بیروت، سمع من الرئیس نبیه بري العبارة الأوضح: "لماذا لا یرشحك الحریری وجنبلاط علناً؟ فهذا یسهّل الأمر علی الحلفاء!".

وتقول الصحیفة: "کان جنبلاط قد سمع الکلام نفسه من بري، وکذلك الحریري، وفکر الاثنان بالخطوة المناسبة. لکن التأخیر مرده إلی سعي الحریری وجنبلاط إلی انتزاع موقف واضح من حزب الله أولاً، ومن عون ثانیاً. وهذا ما لم یحصل. وحتی مساء أمس، ظل جنبلاط یحاول مع حزب الله، لکنه سمع الجواب نفسه: "لا جدید لدینا. الأمر متروك للعماد عون. ونحن لن نضغط علیه، حتی لمصلحة فرنجیة".

توضح الصحیفة: "موقف حزب الله لا یمثل اعتراضاً علی ترشیح فرنجیة، وهو أمر یعرفه الأخیر جیداً، ولا وقوفاً في وجه التسویة. نصح الحزب العماد عون بعدم الانجرار إلی أي سجال یقود إلی خلاف مع فرنجیة. وظل، ومعه أصدقاء، یشدّدون علی الرجلین بتفادي الصدام، لأنه الهدف الأول الذي یریده الطرف الآخر. وهاجس حزب الله، هنا، لیس فقط خسارة عون، بل عدم ثقته أصلاً بسیر الطرف الآخر فعلاً في ترشیح فرنجیة، وأن الانجرار وراء لعبة جنبلاط والحریری سیعني، أولاً، مشکلة بین عون وفرنجیة، ولا یعني ثانیاً انتخاب أحدهما رئیساً للجمهوریة. وربما جاء، في هذا السیاق، اقتراح اللواء جمیل السید بتوقف النقاش في فریق 8 آذار حول الأمر، في انتظار أن یحسم الفریق الآخر موقفه أولاً: ماذا تقول السعودیة؟ وکیف یعلن الحریري موقفاً رسمیاً؟ وکیف سیتصرف سمیر جعجع؟".

وتختم الصحیفة: "عند هذه النقطة توقف البحث، وصار الجمیع یمارس هوایة الانتظار، ودخلوا فی دائرة مفرغة: السعودیة تنتظر فرنسا، وفرنسا تنتظر إیران، والحریری ینتظر فرنجیة، وفرنجیة ینتظر الحزب، والحزب ینتظر عون، وعون ینتظر جعجع، وجعجع ینتظر السعودیة!".