نبأ/ (خاص) ـ يدل تصريح رئيس الاستخبارات السعودية السابق، تركي الفيصل، لـ”سي أن أن”، بأن “الأيام الخوالي” بين السعودية والولايات المتحدة “انتهت إلى غير رجعة”، على المدى الذي وصلت إليه الأزمة بين البلدين “الحليفين”. إذ يعتبر تصريح الفيصل، الخبير بذهنية النظام السعودي وما يدور من همس بين مسؤوليه، بمثابة الموقف الحقيقي للرياض من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي حط في المملكة ضيفاً “عادياً” فقد بريقه الذي ظهر في زيارات سابقة له إلى المملكة.
ليس ملف هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001م هو ما جعل العلاقات السعودية الأميركية تهتز، وعلى الرغم من أن أقصى ما تريده واشنطن من فتح هذا الملف هو لسع المملكة التي تصر على سياستها الصدامية في غير بلد، وإلهائها عن الأزمات الإقليمية، في حين أن الموقف الأميركي يتوخى شيئاً من الدبلوماسية والندية في آن. فلا واشنطن تعتزم محاكمة آل سعود على صلتهم بمنفذي الهجمات بحسب ما يحويه التقرير الحكومي الأميركي المؤلف من 28 صفحة المفترض نشره قريباً، وكذلك ليس من مصلحة الرياض الخروج من المظلة الأميركية التي لا بديل عنها في المستقبل القريب.
في المقابل، بيّن الاستقبال المتواضع لأوباما في مطار الرياض حقيقة الموقف الرسمي منه. وهو، بمعزل عن أنه سيغادر البيت الأبيض في أشهر قليلة، فإنه، في نظر المملكة، لم يعد ذلك الحليف القديم الذي يمكن الركون إليه عند الملمات الإقليمية التي تشغل السعودية. ظهر التباين منذ مدة غير قصيرة بين الجانبين، فهناك سوريا التي لم تعد مغامرة رابحة للسعودية، بينما يرى أوباما أن روسيا قلبت الموازين ضد حلفه ولم يعد انهيار الدولة السورية ممكناً بعد ذلك، وهو يحاول اقناع الرياض بقبول المسار السياسي. لكن السعودية لا تنفك تعاكس المسار الأميركي المعدَّل في سوريا والمتقاطع مع ندِّه الروسي.
الإخفاق الأخير المشترك هو في اليمن. قيل كثيراً إن الولايات المتحدة هي من تشرف على الحرب هناك وأن التحالف السعودي هو من ينفذ الخطط. حصل الإخفاق ولم يعد الأفق واضحاً أمام الجميع، ولم تعد الإدارة الأميركية فعالة في رسم خطط الميدان كما أن التنفيذ السعودي بات خبط عشواء من دون تسجيل نصر في أي من الجبهات اليمنية. وأتت المحادثات في الكويت التي قد تكون مخرجاً سالكاً للأطراف المتحاربة، من دون أن تُظهر السعودية رغبة صادقة في الحل السياسي. فهي لا تريد الغرق في المستنقع اليمني، وفي الوقت نفسه لا تريد الهزيمة، فالعقل المتحكم بالنظام أثبت في السنوات الأخيرة أنه يدمِّر مهما بلغ الثمن، بخلاف الموقف الأميركي الذي يريد دفعاً سياسياً في اليمن ولو على حساب حلفائه. كما أن هناك احتراباً داخلياً بين التحالف نفسه، أي السعودية والإمارات بحساباتهما المختلفة والضيقة حول السيطرة وتعيين الشخصيات في المناطق التي سيطرا عليها في اليمن وضمان ولائها لكل منهما.
الحال المسيطرة على العلاقات الأميركية السعودية تشبه المراوحة بين صديقين نفرا من بعضهما ولكنهما لا يبغيان فض الصداقة في أسوأ الأحوال. لا يُعرف كيف ستكون عليه العلاقة في عهد سيد البيت الأبيض المقبل، فيما أن العائلة الحاكمة في السعودية عرضة لتغييرات في ظل ضعف سيطرة الملك سلمان على الأمور، وصراع “المحمدين”، والرجعية القبلية في التعامل مع المستجدات في المنطقة.