السعودية/ نبأ- سلطت صحيفة "واشنطن بوست" اﻷمريكية، الضوء على زيارة الرئيس اﻷمريكي باراك أوباما للسعودية، ومصير التحالف القائم بين الدولتين منذ فترة طويلة في ظل التوترات التي تعصف بعلاقات الجانبين وتباعد وجهات النظر في قضايا المنطقة المشتعلة.
وقالت الصحيفة، وجهات نظر أوباما وقادة السعودية تباينت بشكل حاد في بعض اﻷمور، مثل، كيفية تهدئة التوترات الطائفية التي تجتاح المنطقة، وإنهاء الحروب اﻷهلية في اليمن وسوريا، والتعامل مع النفوذ اﻹيراني.
بجانب هذه التوترات، هناك مشكلة ظهرت مؤخرا من وثائق سرية لهجمات 11 سبتمبر 2001، تشير إلى دور للسعودية في دعم منفذي هجمات سبتمبر التي أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها.
ويضع الكونجرس اﻷمريكي اللمسات الأخيرة على مشروع قانون من شأنه السماح للمواطنين الأمريكيين بمقاضاة الحكومة السعودية فيما يتصل بهجمات 11 سبتمبر 2001، وهو ما ترفضه إدارة أوباما، وتنفي السعودية أي مسئولية لمسئوليها عن هذه المشكلة التي اعتقدوا أنه تمت تسويتها منذ فترة طويلة.
وأضافت الصحيفة، قبل مغادرته واشنطن في رحلة تستغرق ستة أيام تتضمن زيارة السعودية، وأوروبا، طالب أوباما مدير المخابرات الوطنية بمراجعة التقرير السري الخاصة بهجمات 11/9.
وبحسب الصحيفة، 15 من منفذي هجمات 11 سبتمبر الـ 19 مواطنون سعوديون، إلا أن المسؤولين السعوديين ينفون علمهم بالخطة التي تم تدبيرها في أفغانستان، وأماكن أخرى بقيادة أسامة بن لادن، الذي قاد تنظيم القاعدة في ذلك الوقت.
وأوضحت، بالنسبة لكلا الجانبين، المسألة هي علامة أخرى على عدم اليقين حول إلى أين يتجه تحالف يتمحور حول النفط السعودي، والأسلحة الأمريكية.
وقال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي اﻷمريكي في مقابلة صحفية مؤخرا:" لسنوات عديدة كانت الفائدة الأساسية في جذور العلاقة بين الولايات المتحدة، والسعودية تتمحور حول توفير النفط الذي يحافظ على الاقتصاد العالمي، وفي المقابل وفرنا الأمن الضروري للسعودية، ونحن في الحقيقة لم نفكر في أي شيء أخر … نحن نوع من فكر الأمن والنفط، ولم نفكر بشكل أعمق".
ورفض رودس، التعليق على تقرير لجنة 11/9، لكنه تحدث بشكل عام من دور السعوديين قائلا: "لماذا خرج تنظيم القاعدة من السعودية، ﻷن هناك الكثير من المال الذي ينفق".
وترى الصحيفة، أن حالة عدم اليقين التي تخيم على التحالف اﻷمريكي السعودي قد تؤثر على علاقة واشنطن ليس فقط بالرياض ولكن مع كل الحلفاء العرب في الخليج، الذين ينظرون للسعودية على أنها القائد.
بالنسبة لأوباما، فإن اليومين المقبلين في السعودية سيكونان جزءا من جهد مستمر، لوضع العلاقة مع السعوديين على أرض أكثر صلابة، فالبلدان مازالت بينهما مصالح واسعة.
باعت إدارة أوباما للسعوديين على مدى السنوات الماضية معدات عسكرية بأكثر 95 مليار دولار، وكانت الاستخبارات السعودية ضرورية جدا لمحاربة الارهاب، ومكافحة تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية المعروفة إعلاميا "بداعش".
وفي مقابلة مع شبكة "سي بي اس نيوز" اﻷمريكية هذا الاسبوع توقع أوباما أن تتمكن القوات العراقية المدعومة بمستشارين أمريكيين والقوة الجوية، بطرد داعش من الموصل، أكبر مدينة في شمال العراق، بحلول نهاية العام.
ونقلت الصحيفة عن "بروس ريدل" مستشار السياسة الخارجية السابق لأوباما، وكبير المحللين في مؤسسة بروكينجز: "المال السعودي والعلاقات مع القبائل السنية في العراق سيكون ضروريا لإعادة بناء المدينة، وإقامة سلام في شمال العراق.. الطلاق بين السعودية وأمريكا مستحيل.. ما زلنا بحاجة إلى بعضنا البعض".
كلا الجانبين، يبدو أنهما راغبين في استمرار التحالف ولكن بشروط مختلفة.
وقال أوباما إنه يريد من السعوديين والحلفاء في الخليج لعب دورا أكبر في الحفاظ على أمنهم، وأمن المنطقة.
السعوديون يعلنون أنهم أصبحوا أقل اعتمادا على القوة العسكرية اﻷمريكية، وتعهد الملك سلمان، وابنه، وزير الدفاع محمد بن سلمان باتخاذ نهج أكثر جرأة في المنطقة.
الحملة الجوية السعودية على اليمن أدت لسقوط مئات الضحايا المدنيين، وحولت الانتباه عن محاربة تنظيم القاعدة، ورغم ذلك فشلت في طرد المتمردين من العاصمة صنعاء، والسعودية وحلفائها تسعى لاستعادة السيطرة على البلاد من المتمردين الحوثيين، الذين تقول السعودية إنها تدعمها إيران.
إعدام العشرات من المشتبه في صلتهم بالإرهاب، بما في ذلك رجل دين شيعي في وقت سابق من هذا العام، أشعل التوترات الطائفية بشكل اكبر مما يمكن تحمله في المنطقة.
وقال فريدريك هري، باحث بارز في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي:نريد أن يكون الخليج أكثر مسؤولية عن شؤونه الأمنية، ولكننا رأينا بدلا من هذا، أمورا مقلقة للغاية، إنها تشعل التوترات الطائفية، وعندما تفعل ذلك، فإنها تفعله بطرق غير فعالة عسكريا، وهذا يزعزع الاستقرار الإقليمي، إنها معضلة".
الخلاف بين البلدين يمتد إلى اتفاق أوباما التاريخي مع إيران الخاص ببرنامجه النووي، والذي قال أوباما إن هدفه منع ايران من الحصول على سلاح نووي، ومنع اندلاع حرب أمريكية أخرى في الشرق الأوسط.
وأضاف رودس :" نحن نرى أن إزالة تهديد إيران المسلحة نوويا أمر جيد بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها في الخليج".
في السعودية، تعتبر هذه الصفقة جزءا من الاتجاه الأميركي نحو إيران، ومن وجهة نظر المملكة فأنه حتى مع المزيد من صفقات السلاح الأمريكية، التي تهدف لحماية المملكة من إيران، فأن ذلك لن يجعلها آمنة تماما.