السعودية / نبأ – نشر موقع "ذا انترسبت" تقرير تناول الشراكة بين وزارة الداخلية السعودية ووكالة الأمن القومي الأمريكية فيما يتعلق بمساعدة الأخيرة للأولى في التجسس على المعارضة السعودية وتتبع الناشطين السعوديين على الانترنت وتسجيل محادثاتهم الالكترونية طبقاً لبرتوكول تعاون بين الهيئتين سابقتا الذكر.
وجاء التقرير على ضوء وثائق الوكالة الأمريكية التي سربها المتعاقد السابق إدوارد سنودن، الذي كشف العام الماضي عن وثائق تثبت انتهاك وكالة الأمن القومي الأمريكية لخصوصية مستخدمي الانترنت في الولايات المتحدة والعالم بالتجسس والتصنت على المحادثات الخاصة بهم عبر المنصات ووسائل المراسلة المختلفة عن طريق حزمة برامج "بريسم".
أشار تقرير "ذا انترسبت" إلى أن وكالة الأمن القومي الأمريكية عملت على توسيع علاقات التعاون مع وزارة الداخلية السعودية، التي وصفها التقرير بـ"أحد أكثر الوكالات الحكومية القمعية والتعسفية على مستوى العالم". وذلك طبقاً لوثيقة سرية سربها إدوارد سنودن لكاتب التقرير في ابريل من العام الماضي كشفت تفاصيل خطط الوكالة الأمريكية لتوفير الدعم التقني والتحليلي المباشر لوزارة الداخلية السعودية.
وتابع التقرير قائلاً "وزارة الداخلية السعودية تعد -ولسنوات عدة- من أبشع منتهكي حقوق الإنسان في العالم. وذكرت الخارجية الأميركية في 2013 أن مسئولي الداخلية السعودية يتعمدوا إلى استخدام وسائل التعذيب مع السجناء والمعتقلين وتعريضهم لانتهاكات جسدية أخرى، مثل حادثة وقعت في 2011، حيث أرغموا أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان على شرب سوائل التنظيف. كذلك ذكر تقرير الخارجية إلى أن الداخلية السعودية تراقب وتضيق على المعارضين السياسيين والدينين(الشيعة)".
وذكر التقرير أنه على الرغم من علانية تقرير الخارجية الأمريكية السابق، وتسجليها لهذه الانتهاكات، فأن وكالة الأمن القومي الأمريكية عملت على زيادة المساعدات في جهود المراقبة للداخلية السعودية التي ارتكبت هذه الانتهاكات.
وأعتبر التقرير أن هذه الخطوة "تشير إلى توطيد العلاقات الوثيقة بين إدارة أوباما والنظام السعودي؛ وطبقا لوثيقة سنودن فأن هناك فترة تجديد علاقة بين وكالة الأمن القومي الأمريكية والداخلية السعودية".
وأوضح تقرير الموقع أنه في 2007 صدرت مذكرة سرية لوكالة الأمن القومي الأمريكية ذكرت أن السعودية واحدة من أربع دول في الشرق الأوسط تدعم الولايات المتحدة استمرارية أنظمة حكمها.
وطبقاً لوثيقة "سنودن" فأن العلاقة بين السعودية ووكالة الأمن القومي الأمريكية كانت محدودة جداً في الفترة ما بين انتهاء حرب الخليج الثانية وحتى أواخر ديسمبر 2012، حيث عمد مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر، إلى توسيع تعاون الوكالة كطرف ثالث مع السعودية، ليشمل استفادة الأخيرة من منظومة نقل وتحليل المعلومات الإشارية الاستخبارتية الأمريكية "SIGINT" وكذلك الاستفادة من قدرات إدارة الشئون التقنية بالوكالة، وبموافقة الاستخبارات الوطنية الأمريكية على ذلك أصبح في مقدور الداخلية السعودية الاستفادة من دعم وكالة الأمن القومي الأمريكية، التي ستوفر الدعم التقني ووتحليل البيانات بشكل مباشر إلى الداخلية السعودية، بالإضافة إلى تمكن الأخيرة عن طريقة منظومة "SIGINT" في تحديد أماكن وتتبع أشخاص ذو أهتمام مشترك لكلا الطرفين داخل أراضي المملكة.
وذكر تقرير "ذا انترسبت" أنه قبل هذه المبادرة الجديدة في 2012, فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة بالتعاون مع النظام السعودي، عملوا على تعقب المشتبه بهم لتعزيز الأمن في السعودية. وذكرت وثيقة سنودن أن “وكالة الأمن القومي بدأت بالتعاون مع وزارة الدفاع السعودية فى 2011 طبقاً لشراكة محسوسة من الطرفين تركز على الأمن الداخلي والنشاط الإرهابي في شبه الجزيرة العربية، وأن هذه الشراكة تم تنفيذها بإشراف كل من الاستخبارات المركزية الأمريكية ومباحث الداخلية السعودية.
وأشار التقرير إلى أن الشراكة الرسمية لوكالة الأمن القومي، كطرف ثالث مع السعوديين، مكنهم من التزود بتكنولوجيا مراقبة فائقة التطور، واستغلال امكانيات وكالة الأمن القومي والقدرة على جمع المعلومات من المصدر.
وأضاف التقرير أن التعاون بين الداخلية السعودية ووكالة الأمن القومي يطابق درجة التعاون بين الأخيرة و وزارة الدفاع السعودية، التي اعتمدت أيضا على امكانيات تحليل الإشارات والرسائل وفك التشفير المتوفرة لوكالة الأمن القومي.
وأوضح التقرير أن الحكومة السعودية استغلت الامكانيات التكنولوجية والأمنية التي وفرتها شراكتها مع وكالة الأمن القومي والاستخبارات المركزية، في تصعيد حملتها الأمنية على الناشطين والمعارضين المنتقدين لها؛ مثلما حدث في قضية الناشط والمحامي الحقوقي وليد أبو الخير الذي حكم عليه بالسجن لخمسة عشر عام في مايو الماضي، وكذلك المدون رائف بدوي، الذي حكم على بالسجن لعشرة سنوات وألف جلدة في يونيو الماضي، وأيضا مخلف الشمري، الذي حكم عليه بالسجن لخمس سنوات بسبب تدوينه عن إساءة معاملة المرأة في السعودية.
وفي ختام التقرير، أُشير إلى تصريحات المتحدثة بأسم الخارجية الأمريكية، جينفر بساكي، المتزامنة مع محاكمة وليد أبو الخير، والخاصة بحث الحكومة السعودية على احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وبسؤال “ذا انترسبت” للمتحدث بأسم مدير مكتب الاستخبارات الوطنية الأمريكية عن مدى النظر باعتبار من جانب الإدارة الأمريكية لسجلات حقوق الإنسان قبل تعاونها مع الأجهزة الأمنية الأجنبية المتهمة بانتهاكات حقوقية؟ أجاب بأنه “لايمكن التعليق على مسائل استخباراتية محددة، ولكن كمبدأ عام، فأن اعتبارات حقوق الإنسان يتم الأخذ بها قبل مشاركتنا لأي معلومات استخباراتية مع الحكومات الأجنبية".
(نبأ /the intercept)