السعودية/ نبأ- قال فريد زكريا الكاتب والمحلل السياسي، في مقاله نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" اﻷمريكية، الجمعة، أن ما تعتبرهم الوﻻيات المتحدة "معتدلين" في الشرق اﻷوسط هم مجرد "وهم"، وفي الحقيقة قدمت واشنطن مساعدات هائلة ومستدامة لهؤﻻء "المعتدلين" في الإقليم الذين اتضح اليوم بعدهم عن الاعتدال تماما، حسب تعبيره.
وأشار الكاتب إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش نشأ في بدايته نتيجة الحراك الداخلي في العراق، حيث ساعدت الوﻻيات المتحدة على مدى العقد الماضي في تمكين "المعتدلين" في العراق – أي الشيعة – وزودتهم بمليارات الدوﻻرات على هيئة مساعدات وتدريب للجيش العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة، غير أن اﻷمر تحول، وأصبح "المعتدلون" غير معتدلين.
وأوضح أن الحركات السنية المعارضة نمت في العراق، واكتسبت الجماعات الجهادية مثل داعش دعمًا ظاهريًا أو باطنيًا من جانب المظلومين، بسبب السياسة السلطوية والطائفية التي تنتهجها الحكومة العراقية، وأصبح هذا السيناريو شائعا في جميع دول الشرق اﻷوسط.
وقال انه على مدى عقود، كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي دعم "المعتدلين"، حتى أصبح العالم العربي في حالة صراع طائفي مرير "يعيد بالعالم الإسلامي إلى العصور المظلمة"، وفي ظل هذه الظروف، يواجه المعتدلون خيارين: إما أن يتحولوا للتشدد والتطرف، أو أن يخسروا في الصراع الوحشي الدائر هذه اﻷيام، وهذا اﻷمر يحدث في العراق وسوريا ومصر وليبيا واﻷراضي الفلسطينية.
واستطرد زكريا بالقول إن الشرق اﻷوسط ما زال محاصرًا بين الديكتاتوريات القمعية وجماعات المعارضة غير الليبرالية- على سبيل المثال بين حسني مبارك والقاعدة- بما لم يترك مساحة للحوار، فالديكتاتوريات تحاول القضاء على كافة الحركات المعارضة، حتى سقط بعضها بالفعل، وتحول ممن نجا منها إلى الانتقام والعنف.
وأضاف أن الربيع العربي في 2011 و2012 أعطى فرصة للمعتدلين، لكن الفرصة سريعا ما أُهدرت، فقد أخذت جماعة الإخوان في مصر فرصة الحكم بشمولية، لكنها رفضت، ومن دون انتظار الرئيس الإخواني محمد مرسي لإتمام فترته الرئاسية، صعدت الديكتاتورية القديمة وحظرت وسجنت أعضاء الإخوان المسلمين والقوى المعارضة اﻷخرى.
وانتقد البحرين، الذي يحذو نظامها الحاكم حذو النظام المصري القديم، فيما تمول السعودية عودة القمع في كافة أنحاء الإقليم، اﻷمر الذي تسبب في نشأة معارضة سرية عنيفة.
وقال "يبدو أن الرئيس محمود عباس هو معتدل بالفعل، غير أن الانتخابات تُؤجل عاما بعد عاما بسبب أن إسرائيل تعرف جيدا من سيكون الحاكم القادم، فالمعتدلون لا يؤدون واجبهم جيدا في ظل ظروف اليأس والحرب".
أما في سوريا، يبدو أن الجماعات التي ستفوز بالسلطة هي التي تقاتل قوات الرئيس بشار اﻷسد بشراسة، وتعتبر النظرية القائلة إن المعتدلين في سوريا قد يفوزوا في الصراع الحالي خيال ساذج يترتب عليها العديد من العواقب الوخيمة، بحسب الكاتب.