لم تنجح السعودية طوال العام الحالي في تحقيق أي مكاسب سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. تحركات نهاية العام تضع الرياض أمام حقيقة خسارتها المقلقة وهي المقبلة على عام شاق إذا لم تراجع بدقة حسابات العام الحالي الخاسرة.
تقرير هبة العبدالله
أواخر يناير من العام الجاري في مقابلة مطولة مع مجلة "ذي إيكونومست"، أعلن ولي ولي العهد السعودي بشكل واضح عن موقف السعودية الحاد تجاه قضايا المنطقة العربية.. بدت سياسة الرياض للعام المقبل وقتها أكثر جرأة تجاه العديد من الملفات.
بكل وضوح أعلن محمد بن سلمان عن دعم بلاده للمعارضة السورية وثبت خيار السعودية في ملف الرئاسة اللبنانية في رفضها ترشيح العماد ميشال عون. مطلع عام 2015 كان ولي ولي العهد ينقل كوزير دفاع واثق من جنرالاته أن السعودية على وشك تحقيق انتصار في صنعاء.
في الاقتصاد كان موقف ولي ولي العهد ثابتا أيضا. قال إن السعودية لن تغير سياستها النفطية وستستمر بإغراق الأسواق بالنفط ولن تتأثر بمطالب أوبك خفض الإنتاج لتدمير الاقتصاد الإيراني والروسي.
وفي العراق عبر بن سيلمان الذي وصفته ذي إيكونومست بالمدير الفعلي لشؤون المملكة عن رغبة السعودية في حجز دور متقدم في السياسة العراقية الجديدة.
في مراجعة نهاية العام تحصي السعودية أخطاءها وتحاول أن تلملم هزائمها وأن تستشعر العثرات في طريقها. بعد مرور عام على أماني السعودية بتحقيق طموحات في الملفات السياسية والاقتصادية وجدت المملكة نفسها خاسرة على كل الجبهات.
سحبت السعودية سفيرها من العراق بعد مطالبة شعبية ورسمية بطرده لتدخلاته في الشؤون الداخلية وتصريحاته الطائفية. وفي سوريا سيحسم لجيش العراقي وحلفاؤه معركة حلب قبل نهاية العام محققا إنجازا ميدانيا كبيرا سيترجم بثقل في السياسة أيضا.
تنازلت الرياض أيضا عن موقفها في الملف اللبناني وكانت آخر من ركاب قطار التسوية السياسية. في 31 من أكتوبر كان أسم العماد عون أسم الرئيس اللبناني الجديد لتعاجل بعدها في كسب ملف الرئاسة الثانية.
الهزائم كبيرة في اليمن أيضا حيث عجز السعوديون عن تحقيق أي نصر مشرف إذ يتوالى قصف مناطقهم الحدودية وأعلنوا مؤخرا عن تشكيل حكومة جديدة.
"ذي إيكونومست" نفسها تجد السعودية متراجعة في كل اتجاه. خسرت الرياض كل المواجهات الديبلوماسية والعسكرية التي قررت خوضها مع بداية العام. وتراها اليوم قلقة من الآثار بعيدة المدى لإخفاقات العام الحالي.
موقع "بلومبرغ" أشار في توقعاته للعام القادم إلى أن العدوان السعودي على اليمن سيستمر وستكون الحرب مكلفة للرياض التي ستضطر إلى فرض ضرائب جديدة تحل مكان الدعم الحكومي السخي، وتزايد الاستياء من انخفاض مستويات المعيشة.
وأضاف الموقع في توقعاته التي أطلق عليها اسم دليل المتشائم إلى أن انقلابا في العائلة السعودية الحاكمة، سينحي الأمير ابن سلمان، ويوقف الإصلاحات، ويجلب إلى السلطة فردا جديدا من العائلة المالكة.
"بلومبرغ" توقع أن تخسر السعودية المزيد من الحلفاء في المنطقة لصالح خصمها الإيراني.
وقال إن التوتر بين السعودية وإيران سيصل إلى مرحلة المواجهة المسلحة، نتيجة سياسة ترامب في الشرق الأوسط، المتمثلة باعتبار المنطقة خارجة عن اهتمام أميركا بعد الآن.