لم يكن قرار المحكمة الإدارية العليا في مصر بحسم مصريّة جزيرتي تيران وصنافير متوقعاً بالنسبة إلى كثيرين، وهو القرار الذي أغلق الباب أمام أية دعاوى قضائية أخرى من قبل الحكومة المصرية، فيما توجد أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي ثلاثة خيارات لحل هذه المشكلة، بحسب المراقبين، أحلاها مر على السعودية.
تقرير سهام علي
شغلت خلال الفترة الأخيرة تفاصيل اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي ترتب عليها تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، حيزاً كبيراً من اهتمام الشارع المصري.
وفي الوقت الذي حرص فيه المهتمون بمصرية الجزيرتين على تقديم العديد من الوثائق التي تؤكد تبعية الجزيرتين لمصر، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وضع بفعل الضغط الشعبي يجد نفسه أمام خيارات ثلاث، لا يروق للرياض أيّ منها.
وأوضح مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية أن “خيارات النظام هي: إما أن يضرب السيسي عرض الحائط بحكم المحكمة، أو أن يجري تعديلاً دستورياً يسمح بتمرير الاتفاق مع السعودية، أو أن يتخلى عن اتفاقه مع المملكة بالكامل”، في حين رأى مراقبون أنه من المرجح أن يختار السيسي الخيار الثالث.
وفي سيناريو آخر، رأى محللون أنّ الرئيس المصري يريد الوصول إلى نقطة يقول فيها للسعودية أن الأمر لم يعد بيده بل أصبح بيد الشعب والقضاء، تاركاً للنزاع بين السلطات في القاهرة مهمة المماطلة في حسم الملف. ويشير أصحاب هذا الراي إلى أنّ النظام المصري يستخدم نفوذه على القضاء للتسويف، على الرغم من أن بعض القضاة ليسوا تحت إمرة النظام بالكامل مثل “مجلس الدولة”، الذي يعتبر عادة معارضاً للحكومة بينما تُعتبر المحكمة الدستورية العليا مؤيدة عموماً للحكومة.
وفي ضوء هذه العلاقة بين نظام السيسي والقضاء من جهة، وعلاقة النظام بالشعب من جهة أخرى، يبدو أنّ الهدف السعودي بالسيطرة على جزيرتي تيران وصنافير بات بعيد المنال، فيما باتت إسرائيل تنظر، بحسب مراقبين، إلى القضية من زاوية أخرى، متوجسةً من الحراك الشعبي في مصر الذي استطاع جذب نواب ومسؤولين ومثقفين ومحامين وإعلاميين ومن عامة الشعب، أجبروا السيسي وحكومته على الخضوع لقرار القضاء، الذي جاء بناءً على دعاوى قدمها المحامون بعدما جمعوا الوثائق التي تؤكد مصرية الجزيرتين.
ويُعتبر هذا الحراك المصري الشعبي الخطر الأكبر بالنسبة إلى الاحتلال الاسرائيلي، وفق ما يؤكد المراقبون، وربما يكون الحراك أهم في نظر الاحتلال من أي مشروع بعيد المدى يمكن الاستفادة منه بتحويل ممر تيران إلى ممر دولي بدلاً عن كونه ممراً إقليمياً تابعاً لمصر.
ويرى محللون أن الرياض لن تغيير شيئاً في موقفها من ملكية الجزيرتين، إذا أن إسرائيل لم تعطها الإشارة في ذلك، ونظراً إلى كون المشروع اقتصادي سياسي يخدم إسرائيل ولا يخدم السعودية بشكل مباشر، وقد تتجه تل أبيب إلى تجميد القضية وتركها في مسارها القانوني في مصر خوفاً من تنامي القوى المصرية الشعبية والسياسية الرافضة لتمرير المشروع السعودي الاسرائيلي.
يأتي ذلك في حين أعلنت “حركة الاشتراكيين الثوريين” أنها ستطالب بمحاكمة النظام المصري العسكري بتهمة “الخيانة” وإسقاط قانون التظاهر. إذاً، سيظل ملف الجزيرتين معلّقاً ليجد السيسي مخرجاً في ضوء العلاقة المتوترة مع السعودية، وقد يتجه الى خيار المماطلة، على الأقل، بانتظار حل هذه الخلافات.