السعودية التي تدمر وتشلّ الاقتصاد وتفرض الحصار، هي نفسها من يدفع مليارات الدولارات بزعم إعادة الإعمار ودعم البنك المركزي اليمني. تضع محاولات بسط النفوذ جنوب اليمن قوى العدوان في حلبة الصراع السياسي والعسكري والاقتصادي.
تقرير محمود البدري
تقدم السعودية 10 مليارات دولار لحكومة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بهدف إعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة التحالف السعودي، ومن أجل دعم البنك المركزي المشلول.
أعلن هادي، الذي يشارك تحالف العدوان الحصار على أبناء شعبه، خظوة أولى، وهي في الحقيقة تحدٍ غير معلن بين الحليفين السعودي والإماراتي حيث يكبر الصراع السياسي والعسكري، منذراً بانفجار الأوضاع في أية لحظة.
بدأت الحرب الاقتصادية على اليمن بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن. ففي أغسطس/آب 2016، قررت رئيس وزراء حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، وقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء، ونقله إلى عدن، وهو ما قوبل بردود فعل غاضبة حتى في أوساط الموالين لـ”التحالف”، الذين اتهموا هادي وبن دغر باتخاذ قرار مصيري من دون ترتيبات مسبقة مع المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي.
لم ينتظر الشعب اليمني السعودية أو أية مساعدات خارجية طوال الأزمة، فلبى نداء السيد عبدالملك الحوثي، قائد حركة “أنصار الله”، في سبتمبر/أيلول 2016، لدعم البنك المركزي في صنعاء للاستمرار بنشاطه ولـ”إفشال أهداف التحالف السعودي والحكومة الموالية له بتفكيك مؤسسات الدولة”، ما انعكس بحملات تبرع شعبية في جميع المحافظات كخيار وحيد لمواجهة محاولات نقل البنك وتأمين مرتبات موظفي الدولة.
عجزت حكومة هادي عن تحسين الإيرادات العامة للدولة وإقناع المجتمع الدولي بمساعدة البنك وإصرارها على تشديد الحصار على المحافظات الشمالية واستخدام البنك المركزي كورقة اقتصادية في الحرب، إذ لم يبد البنك الدولي أي موقف صريح من القرار برغم محاولات هادي إقناعه، وتعريض حياة الملايين من اليمنيين للخطر من خلال وقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء، وعدم اتخاذ أية إجراءات تنفيذية للقيام بمهمات البنك، ولا سيما في ما يتعلق بالوفاء بالتزاماته تجاه موظفي الدولة.
ورأى مركز “ستراتفور” الأميركي المتخصص في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن التمويل السعودي هذا “يمثل منافسة للامارات التي تحاول بسط نفوذها جنوب اليمن. فلطالما قدمت أبو ظبي الدعم المادي السخي لأهالي الجنوب، وتعاونت معهم في إطار الحرب الناعمة التي تشنها على حليفتها السعودية من أجل حصد عدد أكبر من المؤيدين وبسط نفوذها على مناطق تعتبرها استراتيجية”.
وأشار “ستراتفور” إلى أن ملياري دولار سيتم إيداعهم لمصلحة البنك المركزي اليمني، على الرغم من أن الـ10 مليارات دولار تمثل قطرة في وعاء، بالنظر إلى حاجات اليمن الكبيرة في ما يتعلق بإعادة الإعمار.
راهن هادي على استمرار الحرب واستخدام سلاح الخنق الإقتصادي عبر نقل البنك المركزي إلى عدن واستمرار إغلاق مطار صنعاء، وتحويل البضائع إلى عدن، إلا أنّه فشل أخيراً في تركيع شعبه.