يلتحق الناشط مصطفى المدّاد بقافلة الشهداء الذين سقطوا بنيران القوات السعودية، في حلقة جديدة من مسلسل الدم النازف على أرض القطيف.
تقرير رامي الخليل
“هُناك من ضاقت بهِ القطيف، وتاه في دهاليز غمِّه واضطراب قلبِه! يتحسّس الأصوات ويشعرُ أنّ كُلّ لحظةٍ هي النّهاية”. بهذه الكلمات ودَّع الشاب مصطفى المدّاد أحباءه وأصدقاءه منذ أيام، النهاية التي توقعها لم تتأخر، وكأنه كان يتحيّن رصاصات الغدر من زبانية النظام الأمنية، فارتفع شهيداً في سيارته قرب منزله في “حي الكويكب”، بعدما تنكر عناصر من الأمن بسيارة مدنية وأردوه بنيران أسلحتهم.
التحق مصطفى بأخيه عبد الله المدّاد، الشهيد الذي قتلته قوات الأمن السعودية عندما اقتحمت بلدة العوامية في أحداث السبت الدامي، ما أسفر عن استشهاد 5 اشخاص وجرح 70 آخرين.
لم يكن مصطفى المدَّاد، الذي تم أسر جثمانه بعيد استشهاده، الأول على لائحة اغتيالات قوات الأمن السعودية، إذ انتهجت تلك القوات أسلوب التصفية الجسدية للنشطاء ولكل من يطالب بالحقوق أو يشارك في المسيرات السلمية، حتى بلغ عدد الشهداء الذين طالتهم أيدي الغدر السعودية بين العامين 2011 و2015 نحو 28 ناشطاً، من بينهم: علي قريريص، ومحمد الفلفل، حسين الفرج وغيرهم الكثير.
لم تكن عمليات الاغتيال التي تمارسها قوات النظام بحق الناشطين ناجحة بكليتها، إذ أنه في 12 فبراير/شباط 2017 تعقبت سيارة “مرسيدس” سوداء مظللة بالكامل أحد الناشين أثناء مروره بسيارته بجوار مقبرة بلدة العوامية بهدف تصفيته، لكن فرقة الاغتيال فشلت في مهمتها، وعلى الإثر.
خرجت أعداد من المدرعات المتمركزة في مركز الطوارئ وسط البلدة واتجهت إلى موقع العملية الفاشلة، مطلقة زخات كثيفة من الرصاص على المنازل والسيارات، قبل أن تنسحب من المكان.
تعكس تصفية النشطاء السياسيين في المملكة جانباً من العقل الأمني الرسمي، كما أن احتجاز جثامين الضحايا أو دفنها في أماكن مجهولة يظهر الاستهزاء بالقيم والأعراف السماوية والقوانين الدولية.
تمثّل عملية اغتيال مصطفى المدّاد مؤشراً خطيراً، وهي تدلّ على واقع الفوضى وغياب دولة القانون والمؤسسات في المملكة، كما أنها رسالة من السلطة الأمنيةِ إلى كلّ الذين يفكّرون في المطالبةِ بالإصلاح وانتقاد سياسات السلطة، لا سيما وأن الشهيد هو أحد شباب الحراك المطلبي في القطيف.