تكتسي زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز المرتقبة إلى الصين طابعاً اقتصادياً واسعاً، وفيما يُتوقع أن يُصار إلى توقيع اتفاقات عدة بين الدولتين، إلا أن من شأن تلك الاتفاقات أن تقض مضجع الولايات المتحدة.
تقرير رامي الخليل
لم يكن توقيت زيارة الملك سلمان إلى بكين قبل واشنطن من قبيل الصدفة، فالرياض التي عانت من السياسات الخارجية الأميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، يبدو أنها قررت إيجاد ما يشبه البديل الاستراتيجي عن واشنطن.
وذكرت صحيفة “ذا هيل” الأميركية، في تقرير، أن زيارة سلمان إلى بكين تأتي في وقت لا تزال الرياض غير قادرة على التنبؤ بسياسة ترامب الخارجية، وهو أمر خضع لتأثيرات النتائج الإيجابية التي حصدتها الرياض عن طريق تعميق علاقاتها مع التنين الروسي.
وأوضح التقرير أن مصالح الرياض الاقتصادية والدبلوماسية وحتى الأمنية تضاعفت مع بكين، خاصة بعدما تمكنت الصين من تجاوز الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط في العالم، يأتي ذلك في وقت يسعى فيه قادة السعودية إلى استقطاب المستثمرين العالميين للمشاركة في اكتتاب أسهم شركة “ارامكو”.
وأكدت “ذا هيل” أن المصالح الثنائية بين الدولتين تتجاوز النفط، فأشارت إلى حاجة الرياض الدبلوماسية للصين، وذلك عبر ضمان صوت بكين في المحافل الدولية وخاصة في مجلس الأمن الدولي لخدمة توجهات المملكة السياسية، كما لفت التقرير الانتباه إلى تحسن علاقة الدولتين على الصعيد الاستخباراتي وجهود مكافحة الإرهاب، ناهيك عن تزايد استخدام الجيش السعودي للمعدات العسكرية الصينية.
وذكَّر التقرير بكلام وزير الخارجية الصيني وانغ يي، عندما أعلن أن بلاده تنوي الحصول على دور أكبر في منطقة الشرق الاوسط، لافتاً الانتباه إلى أن التوجهات السعودية تصب في خانة مزاحمة بكين لواشنطن على مصالحها في المنطقة، وعلى هذا النحو، اعتبرت الصحيفة الاميركية أن الرياض ترسل إلى الولايات المتحدة رسالةً مُفادَها أنه بات لديها خيارات أخرى يمكن لها أن تلجأ إليها في حال لم تعمل واشنطن على تغيير الظروف السياسية القائمة.
ترى السعودية في الصين الشريك المستقر الذي يمكن له أن يسد النقص الحاصل في علاقتها مع الولايات المتحدة. وفيما لا تزال الرياض عاجزة عن التنبؤ بالسياسات الأميركية الجديدة، يبدو أنها باتت متيقنة بأن عليها التعاطي مع تلك السياسات باعتبارها أمراً واقعاً، وهو أمر يوجب عليها البحثً عن بديلٍ استراتيجيٍ لضمان استقراراها الأمني والاقتصادي في المنطقة.