تجهد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لإعادة تعويم اقتصاد بلادها، وفيما وضعت لندن زيارة ماي إلى السعودية والأردن في إطار بحث مكافحة الإرهاب، اعتبر مراقبون أن الزيارة تمثل عودة بريطانيا الاستعمارية إلى المنطقة.
تقرير رامي الخليل
على الرغم من ربط لندن جولة ماي على الأردن والسعودية بمهمة مكافحة الإرهاب، يبدو أن حقيقة أهداف الزيارة جاءت مغايرة تماماً لما تم الإعلان عنه، خاصة وأن جعبة رئيسة الوزراء الاقتصادية خاوية، وهي بحاجة إلى من يملأها من جديد، ومَن لهكذا مهمة غير الأموال السعودية.
ورأى مراقبون أن رئيسة الوزراء البريطانية تحلم باسترجاع تاريخ بلادها الاستعماري في المنطقة، وذلك من خلال اللعب على الملفات المتأزمة، حيث لا شيء ممنوع في سبيل تحقيق هذا الهدف من أجل تأمين مصالحها.
وأشار المراقبون إلى أن ماي تهدف إلى إيصال رسالة إلى الرأي العام مفادها أن بريطانيا قادرة على التعويض عن خسائرها الاقتصادية بخروجها من الاتحاد الأوروبي، وهي تبحث عن أسواق دائمة لدعم اقتصادها المهدد بالتراجع، معتبرين أن توجهها نحو الرياض جاء لكون الاخيرة أكبر شريك تجاري لبريطانيا في الشرق الأوسط.
لم تقتصر الصفقات البريطانية السعودية على ميدان التجارة والخدمات، إذ عقدت العاصمتان صفقات أسلحة ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، وما زيارة ماي إلى الرياض في هذا الوقت بالذات إلا لعقد المزيد من هذه الصفقات.
وفي ما يتعلق بهذا الملف، يؤكد المراقبون أن السعودية اشترت صمت العديد من الدول الغربية، ومن بينها بريطانيا، عبر صفقات التسلح، وذلك في مقابل السكوت عن جرائم آل سعود في المنطقة، ولا سيّما ضد الشعب اليمني.
كما رأى المراقبون في كلام ماي عن نيتها بحث مكافحة الارهاب تمييعاً للنوايا الحقيقية، خاصة في ظل سعي بريطانيا إلى تكثيف وجودها العسكري في المنطقة لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك عبر إنشاء المزيد من القواعد العسكرية في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي.
على جري عادة الدول الغربية، تعمد إلأى استغلال شمَّاعة الارهاب لرفد دول المنطقة بمزيد من أسباب التفكك، إن عبر إغراقها بالسلاح، أو عبر انتهاج السياسات التقسيمية، وهي بذلك تؤمِّن التبعية السياسية والأمنية لحلفائها، وبالتالي استعدادهم لفعل أي شيء كي يضمنوا استمرار بقائهم في السلطة.