فيما تتوالى المعلومات عن قرب انطلاق معركة الحُديدة بتوقيع سعودي إماراتي ودعم أميركي موسَّع، كثرت التحليلات التي تحذر واشنطن من كارثية مشاركتها العسكرية، خاصة وأن الحرب السعودية المستمرة منذ سنتين لا تزال تزداد سوءاً.
تقرير رامي الخليل
على الرغم من كثافة التحذيرات التي تطلقها المعاهد التحليلية والاستراتيجية العالمية لناحية مشاركة واشنطن العسكرية في حرب اليمن، إلا أنه لا يظهر على الإدارة الاميركية أي نية تراجعٍ عن المأزق الذي تجرها إليه الرياض.
وأكد موقع “وور أون ذا روكس” المتخصص بتحليل السياسات الخارجية وقضايا الامن القومي الاميركي، في تقرير، أن مشاركة واشنطن في الحرب “لن تجر إلا الويلات على الجميع، وأول المتضررين سيكون أمن الولايات المتحدة، مروراً بانهيار الدولة في اليمن وتفاقم الازمة الانسانية، وصولاً إلى ظهور حركات مسلحة ومنظمة، وليس انتهاءاً باتساع رقعة النفوذ الايراني، وهو أمر تضعه الرياض على رأس قائمة التهديدات”.
وأوضح التقرير الذي أعده الباحثان الاستراتيجيان بيري كاماك وريتشارد سوكولسكي، أن الحرب التي تنوي واشنطن دعمها عسكرياً من شأنها أن “ترسخ وجود أعضاء تنظيم “القاعدة” في اليمن، وبالتالي تشكيل ملاذاً آمناً لعناصر التنظيم في شبه الجزيرة العربية، يقومون خلاله بتحضير وإعداد هجمات جديدة ضد الأراضي الاميركية”. وهنا، أشار الباحثان إلى أن عناصر “القاعدة” باتوا يشكلون “عنصراً هاماً” لدى “التحالف السعودي”.
ولفت الباحثان إلى أن الحرب التي تشنها الرياض “جاءت بنتائج عكسية على المملكة بعد مرور عامين على انطلاقتها، فارتفاع تكلفة الحرب جعلت السعودية تركز طاقاتها كافة على اليمن، فتراجعت مشاركتها في حرب سوريا، وأوقفت الدعم المالي لأتباعها في لبنان، وهو أمر أدى إلى إطلاق يد الجمهورية الاسلامية في بلاد الشام على الصعد كافة، وكذلك سيفعل في اليمن. ولا بد من الاشارة هنا إلى أن تكلفة الضربات الجوية السعودية تقدر بمبلغ مئتي مليون دولار في اليوم”.
كما تسببت الحرب بخسائر كارثية على الصعيد الإنساني، خاصة في ظل التقديرات الاممية التي ترجح أن تفاقم معركة الحُديدة من مستويات المجاعة المرتفعة أصلاً، وقد حذر التقرير من استمرار دعم واشنطن للحملة الجوية الوحشية التي تنفذها الرياض، ملوحين بإمكانية أن يتم ملاحقة المسؤولين الاميركيين بتهم ارتكاب جرائم حرب.
يرى المحللون أن سياسات واشنطن في اليمن فشلت بشكل كارثي، وفي وقت كان من الممكن للولايات المتحدة أن تحمي مصالحها بشكل أفضل لو أنها لم تنجر خلف الرياض في قرارات الحرب، إلا أن الحفاظ على تلك المصالح في اليمن، يتطلب منها الضغط على المملكة والدفع باتجاه إيجاد أرضية حل سياسي يشمل المكونات اليمنية كافة.