تشهد العلاقة بين القاهرة وواشنطن بداية توتر أفرزته الضربة الاميركية الأخيرة على سوريا. وفيما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يُمنِّى النفس بانفراجة اقتصادية تأتيه من بلاد العم سام، أدخل العدوان الأميركي العلاقة الثنائية في نفق مظلم.
تقرير رامي الخليل
لم يكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستكمل توظيف الحفاوة التي استُقبل بها في واشنطن، حتى جاءته الضربة الاميركية على مطار الشعيرات من حيث لا يحتسب، فأعادت به عقارب الساعة إلى مرحلة الغموض، فهو من جهة يبحث عن إعادة الحرارة للعلاقة مع واشنطن وعينه على المعونات، ومن جهة يقف موقف المُحرج أمام سوريا وواجباته العروبية.
فقد ذكرت صحيفة “دايلي نيوز” الأميركية، في تقرير، إن العلاقات المصرية الأميركية “تواجه أول منعطف في عهد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب”، لافتة إلى أن ترامب “لم يأخذ بالاعتبار المخاوف التي أعرب عنها السيسي خلال زيارته في شأن سوريا، بل عمد ترامب للعمل بنصيحة نظيره الأردني عبدالله الثاني، وأمر بتنفيذ هجوم صاروخي على سوريا”.
وأوضح التقرير الذي أعده المحلل الأميركي والباحث في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” إريك ترايغر، أن عبدالله أقنع ترامب خلال زيارته إلى واشنطن، يوم الأربعاء 5 أبريل/نيسان 2017، بأن الهجوم الكيميائي السوري المزعوم “يعكس فشل الدبلوماسية الدولية في إيجاد حلولٍ للأزمة السورية، وهو أمر كان أساساً في اتخاذ ترامب لقرار الهجوم”.
واعتبرت الصحيفة أن القاهرة التي اكتفت بالتعبير عن قلقها لناحية تطور الأوضاع “لم يكن بالأمر المستغرب، فالتزام السيسي للحيطة كان متوقعاً، خاصة وأنه عزز علاقات بلاده مع روسيا في الأعوام الأخيرة من خلال شراء الأسلحة والمناورات العسكرية المشتركة، وبالتالي فهو لا يستطيع أن يؤيد الهجوم الأميركي على سوريا، كما أنه لا يستطيع استنكار الهجوم بشكل واضح وصريح”.
في وقت لم تحسم فيه مصر موقفها بعد لناحية الاصطفافات السياسية المستجدة، وبينما بدأت تظهر علامات التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا حول سوريا، يجد السيسي نفسه في موقف ضبابي قد تحسمه حاجات القاهرة الاقتصادية الملحة، خاصة وأن الحراك السياسي الأخير في المنطقة يُظهر قصوراً مصرياً عن الاستمرار في قيادة الموقف العربي وتنازلها عنه لمصلحة دول الغِنى النفطي.