سلطت نتائج الاستفتاء التركي الضوء على مدى اتساع الهوة بين الدول الخليجية والعربية، وفيما بلغت نسبة المقترعين قرابة 86 في المئة، إلا أن تقارب النتائج تركت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بات في وضع لا يحسد عليه.
تقرير رامي الخليل
فوز بطعم الخسارة، هكذا يمكن وصف نتائج الاستفتاء الضعيفة التي أعطت لأردوغان صلاحيات الانتقال بنظام الحكم في تركيا إلى الرئاسي. وفيما بات الرئيس يتمتع بصلاحيات شبه مطلقة تخوله تولي صلاحيات السلطة التنفيذية، فضلاً عن تعيين الوزراء وقيادة الجيش وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، إلا أن نسبة 51 في المئة التي حققها من شأنها أن تفرض عليه التواضع السياسي والعمل لتثبيت سلطته.
رافقت الاستفتاء التركي حال ترقّب بين أوساط العواصم العربية، خاصة وأن كل دولة تمتلك أسبابها وأجندتها الخاصة. فكانت قطر، التي تجمعها بتركيا وحدة الموقف اتجاه جماعة “الإخوان المسلمين”، أول من هنأ أردوغان، خاصة وأنها تتمايز عن بقية الدول الخليجية المناوئة للجماعة.
وانسحب الترحيب القطري أيضاً على موقفي كل من البحرين والسعودية، وفيما قابلت الرياض نتائج الاستفتاء بنوع من الفتور، كان بارزاً عدم ترحيب مصر والإمارات بالنتائج، وذلك انطلاقاً من معاداتهما لأردوغان نظراً لتعاطفه مع “الإخوان المسلمين”.
هذا الانقسام بدا واضحاً في ردود أفعال النخب السياسية العربية على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي حين اعتبر الكاتب السعودي كساب العتيبي أن نتائج الاستفتاء جاءت كواحدة من “ثمار انقلاب 15 يوليو في تركيا”، لفت إلى أن النتيجة “تنضوي على تحول كبير من شأنه أن يجعل تركيا أصلب في سيادتها وديموقراطيتها”.
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات عبد الخالق عبدالله أن “الفوز الباهت في الاستفتاء جاء بعد عمليات اعتقال في صفوف المعارضين وفي ظل ممارسة سياسة تكميم الأفواه”، وهو أمر استدعى رداً من الإعلامي السعودي خلف بن جبل الشمري، الذي اعتبر أنه “لا يحق للإماراتيين التحدث عن نوعية الانتخابات التركية في حين أن بلادهم لا تعرف معنى الانتخابات”.
أما الإعلامي المصري مظهر شاهين، فاعتبر أن التعديلات الدستورية في تركيا “سيتم الموافقة عليها بأغلبية إخوانية وبثمن غال من دماء الأتراك”.
على الرغم من أن الاستفتاء كان في تركيا، إلا أن أصداءه كانت عالية في المنطقة العربية، فسلَّط الضوء على الاختلافات والانقسامات التي تحيط بعلاقات تلك الدول بعضها ببعض. وفيما تستمر حالة التحالفات المرحلية بين عواصم المنطقة، تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه مستقبل تركيا في ظل مثل هكذا تغيرات.