تقرير هبة العبدالله
ترتبط تجارة النفط بين المُصدرين في الخليج العربي والمستوردين في شرق آسيا بمضيقَي هرمز وملقا. تشكل هاتان النقطتان الاستراتيجيتان بوابة عبور النفط بين الخليج وشرق آسيا، إلا أن الأزمات السياسية والحروب الدائمة حولتهما إلى نقطتي اختناق جيوسياسية.
يفرض واقع الأزمات السياسية تحديات كبيرة بالنسبة إلى التجارة الدولية، حيث تبرز المخاطر الكبيرة التي تفرضها الصراعات الجيوسياسية على مسارات وطرق النقل البحري للنفط. تسيطر منطقة الخليج العربي على 30 في المئة من الإمدادات النفطية العالمية، وفي الوقت ذاته، فإن شرق آسيا يعتبر منطقة استهلاك رئيسة، خاصة وأنها تتلقى ما نسبته 85 في المئة من صادرات الخليج. وبالنسبة إلى كل من المصدِّرين في الخليج والمستهلكين في شرق آسيا، فإن حرية مرور شحنات النفط تعد أمراً ضرورياً.
ويمر الطريق الأكثر شيوعاً لشحنات النفط بين منطقتين عبر مضيق هرمز في المحيط الهندي، والخاضع مباشرة لتهديد النزاعات القائمة في المنطقة، وعبر مضيق ملقا المهدد بالتنافس الإقليمي بين الصين واليابان، ويجعل ذلك من نقطتي العبور نقطتي اختناق جيوسياسي.
يعتبر مضيق هرمز الطريق البحري الرئيس من المصدرين في الخليج وهم البحرين، إيران، العراق، الكويت، قطر، المملكة السعودية، والإمارات إلى الأسواق الخارجية. يعد هذا المسار الطريق الأكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة من المنتجين إلى المستهلكين في شرق آسيا. تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 17 مليون برميل من النفط يومياً أي حوالي 35 في المئة من مجموع صادرات النفط المنقولة بحراً تمر عبر هذا المضيق.
وتعتمد دول الخليج بشكل كبير على الإيرادات من هذه الصادرات ولهذا السبب، فإن المرور عبر مضيق هرمز يعتبر على حد سواء من القضايا الاقتصادية والأمنية للدول في المنطقة. وفي حال حدث تعطل في المضيق يعيق الشحن في الوقت المناسب للنفط: فإن المصدرين أمام مخاطر فقدان إيرادات كبيرة والمستوردين قد يواجهون نقصاً في الإمدادات وارتفاعاً في التكاليف وزيادة في الخسائر كلما طالت فترة الانقطاع.
يأتي مضيق ملقا في المرتبة الثانية بعد مضيق هرمز في نقل النفط من حيث الحجم. وتعتمد كل من اقتصادات اليابان والصين اعتماداً كبيراً على واردات النفط التي تمر عبره. ولهذين البلدين تاريخ طويل من العداء والحروب، مما يجعل الوصول المفتوح عبر المضيق مفتاح الأمن الاقتصادي لهما.
بالنسبة إلى المصدرين كما المستوردين، فإنه من المهم اتخاذ التدابير المناسبة للتخفيف من المخاطر وتأمين حرية المرور عبر المضائق، خاصة وأن إغلاقها من شأنه أن يؤدي إلى آثار مدمرة لاقتصادات تلك الدول.