تقرير رامي الخليل
دخلت السعودية في نفق استراتيجي مظلم لن تتمكن من مغادرته في المدى المنظور، وبينما يستمر تعثرها السِّياسي الاقتصادي والديبلوماسي مع ما يرافقه من احتدام للصراع مع أعدائها الإقليميين، فضلاً عن تهمة دعمها لحركات الارهاب العالمي، فإن مساعيها المستميتة لتحسين صورتها ومكانتها أمر لا يزال بعيد المنال.
آخر مظاهر عمق المأزق السعودي يتمثل في حال الضياع التي ظهرت في تصريحات المتحدث باسم “اتحالف السعودي” في الحرب على اليمن أحمد العسيري الأخيرة، إذ لم يكن قد انتهى من إعلان مشاركة مصر بـ40 ألف جندي في حرب اليمن، حتى عاد وتراجع عن كلامه، خاصة بعد ردة فعل القاهرة الغاضبة، في مشهد هزلي يكشف كيفية مقاربة الرياض لملفاتٍ بضخامة الحرب على اليمن.
وفي سوريا، ترسم هزائم التنظيمات المسلحة المدعومة سعودياً مثل “جيش الإسلام” صورة وضع الرياض، هذا فضلاً عن إقصاء وفدها من مباحثات الأستانة وخذلانها من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما تراجع عن مطلبها بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، مما يعني أن كل المليارات التي أنفقتها المملكة في سوريا ذهبت أدراج الرياح.
أما عراقياً، وبعدما قام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بزيارة تاريخية إلى بغداد لتحسين العلاقات بين الدولتين، وما تبعه ذلك من رفع نسبة التعاون والاستثمار الاقتصادي بين البلدين، أمر لم يسعفه الموقف السعودي السًّلبي من “الحشد الشعبي”، خاصة وأن بغداد ترى في الحشد دعامة أساسية في قتال تنظيم “داعش”، وهو أثبت فعاليته العسكرية في الميدان.
يمنياً، لا شك أن الخلافات بين أعضاء “الحلف السعودي” باتت ظاهرة بحيث أصبحت تهدد وحدته، وما إسقاط المروحية السعودية بصاروخ إماراتي إلا واحدة من مظاهر ذلك الخلاف، كما أن حالة الاستنزاف التي باتت تعانيها الرياض في اليمن وكلفتها العالية دفعت المملكة إلى الاستماتة في جهودها للخروج من المأزق الذي اوقعها فيه ولي ولي العهد محمد بن سلمان.
على الرغم من الواقع السياسي والاستراتيجي المتدهور للرياض على مختلف الجبهات، إلا أن نظام الحكم فيها لا يزال يراهن على معجزة ما قد فتغير الوضع الإقليمي بما يخدم أجنداتها، وفي هذا يرى مراقبون أنه إذا لم تقم الرياض بمراجعة جذرية لسياساتها فإنها لا شك تسير نحو خيبات جديدة من شأنها أن تهدد وجودها.