لم تتوقف الوفود العسكرية الإماراتية عن تجوالها بين موانىء التصدير اليمنية، فحرصت أبو ظبي منذ بدايات مشاركتها في تحالف العدوان ضد اليمن على بسط نفوذها ليشمل السيطرة على الموانئ الجنوبية الممتدة من المكلا شرقاً وحتى عدن غرباً، ثم الانتقال التدريجي نحو السيطرة على الموانئ الغربية للبلاد، وما المعارك الدائرة في المخا والتهديدات بالسيطرة على ميناء الحديدة إلا مؤشراً على ذلك.
مكَّنت الاتفاقات التي أبرمتها الأمارات في القارة السمراء من إيجاد حضور عسكري لها على ساحل القرن الأفريقي، مما يعني أنها باتت تشترك في السيطرة الاستراتيجية على منفذ باب المندب البحري وبالتالي ضمنت نفوذها في التجارة النفطية.
لم تكن الاتفاقات الأفريقية بعيدة عن المشهد في اليمن، خاصة وأن كل تلك الجهود تصب في الخانة نفسها والمتمثلة بنفوذ إماراتي إقليمي ودولي، وانطلاقاً من هنا كانت سيطرة أبو ظبي على ميناء بلحاف في محافظة شبوة شرق اليمن، وهو احد أهم موانئ تصدير الغاز الطبيعي المسال، فضلاً عن اشرافها على عمليات تصدير النفط من ميناء الشحر في حضرموت.
يقابل أطماع الإمارات توجس سعودي، إذ أنه وسط هذا الامتداد لأبو ظبي وجدت الرياض أن المدن والمرافق الحيوية اليمنية لم تعد في متناولها، ولهذا بدأ السباق للسيطرة على ميناء رأس عيسى شمال الحديدة نظراً إلى أهميته الاستراتجية.
تؤكد الخارطة العسكرية في جبهات الساحل الغربي اندفاع القوات السعودية للسيطرة على ميدي قبل التقدم عبر الشريط الساحلي نحو ميناء رأس عيسى القريب من الحديدة. وفي المقابل، تحاول القوات الموجودة في المخا والعاملة بإشراف إماراتي ومشاركة سودانية تأمين وجودها في الميناء عبر السيطرة على جبل النار و”معسكر خال”، ومن ثم التقدم نحو الحديدة شمالاً.
تكشف الخلافات المستفحلة بين أطراف تحالف العدوان الأهداف الحقيقية التي من أجلها تُرتكب الجرائم بحق اليمنيين، خاصة بعدما فقدت الرياض حجتها المتمثلة بما سمته باستعادة شرعية الرئيس المتراجع عن استقالته عبد ربه منصور هادي، وما تقليص دعمها المادي والسياسي له إلا إقرار مبطن بأنها تخلت عنه بعدما أشبعته استغلالاً.