امتدّ اعتداء القوات السعودية على بلدة العوامية في القطيف إلى خارج المنطقة المحاصرة، مستهدفةً مناطق في القطيف بعيدة عن العوامية، ترمز إلى الحراك المطلبي والنشطاء، مما يشي أنّ هدف السلطات واحد، وهو بعيد كل البعد عن التطوير.
تقرير شيرين شكر
هي ليست عملية أمنية، ولا رواية عن مكافحة الإرهاب أو إنماء وإعمار. إنّه اجتياحٌ عدوانيٌّ ممنهجٌ مخططٌ لهُ، لا يدل إلاّ على حقد حكام المملكة على الحراك المطلبي في القطيف.
إنه اجتياحٌ لا يستهدف العوامية المحاصرة فقط، بل يسعى إلى كبح الحراك المطلبي في القطيف، وإبادة رأي وتاريخ ثوري مطالب بالاصلاح، ومناهض لقمع السلطة.
امتدت يد القوات السعودية البطشية إلى وسط القطيف مستهدفة هذه المرة مسجد “المسألة”، الذي يَبعُد عن “حي المسوّرة” المحاصر ما يقارب 4 كيلومترات، أي أنه يتخطى حدود العوامية، حيث يستمر الاجتياح، وهو المسجد الذي أقيمت فيه صلاة الجمعة الموحدة للتضامن مع الشيخ النمر في عام 2015، مما جعله مكانٌ رمزي للحراك المطلبي،تسعى القوات السعودية لاستهدافه.
إنه استهداف الحراك المطلبي في القطيف بحجة ملاحقة إرهابيين أو تطوير “حي المسوَّرة”، فيما يبدو أنّ “الإرهابيين” الذين تزعم الداخلية ملاحقتهم هم نشطاء، دأبت السلطات على ملاحقتهم ومحاكمتهم تحت عناوين كثيرة.
استباحة منطقة البحاري، القرية الواقعة على أطراف القطيف، والتي شهدت العديد من التحركات المطلبية، تستهدف اليوم في هذه الحملة الأمنية تحت العنوان نفسه، على الرغم من بعدها عن العوامية المحاصرة.
وكان قد سبق استهداف الأماكن الرمزية في القطيف استهداف للمساجد بطريقة مباشرة في العوامية، ومنها مسجد الشيخ محمد النمر في “حي المسوّرة” ومسجد الزهراء الذين أحرقوه بشكل كامل في حي الشملي، ومسجد الفتية في “حي الديرة”. كأنها مواجهة مع بيوت الله بالرصاص.
وفي محاولة لِطَمس تاريخ الشرقية، استهدفت القوات حوزة الشهيد النمر للمرة الثانية بعد أن كانوا قد استهدفوها “أر بي جي” خلال مداهمة المسورة في 11 من مارس/آذار 2017، وكانت الحوزة قبل ذاك منزل الشيخ المجاهد محمد بن نمر، عالم الدين والمجاهد الأول في تاسيس ثورة 1928 بوجه آل سعود.
يبدو جلياً هدف السلطات في حملتها العسكرية ضد مواطنيها، إنها حكاية ثأر مع بلدة احتضنت فكراً مطلبياً نَيّرا منذ عشرات السنين، وأن حصار الأيام الأخيرة، ما هو إلاّ استكمال لحملات القمع والاضهاد والتمميز الممارس.