لم تعد كل الخطوط الحمراء الأميركية قابلة للحياة في سوريا، فدمشق أخذت القرار بالوصول إلى الحدود مع العراق.
تقرير بتول عبدون
شهدت البادية السورية الجمعة أحد أهم التحوّلات في الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 6 سنوات بوصول الجيش السوري وحلفائه إلى الحدود العراقية، ما ينذر بمفاعيل كبيرة على صعيد المنطقة، خاصة أنه جاء في ظلّ كباش سياسي وأمني وعسكري مع واشنطن.
ما حَدَثُ أمس بحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، هو تثبيت معادلة حكم دمشق ونظامها، وخسارة جديدة لواشنطن في سبيل التخفيف من مفاعيل ما بعد حلب وتأمين العاصمة ومحيطها… فمحور المقاومة أرسى خطّاً جديداً في المعادلة الكبرى القائمة: وصل الأذرع قريب.
العمليات بدأت من ريف إلى ريف السويداء جنوباً. المعركة الاستراتيجية المنطلقة من البادية نحو الحدود وضعت قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني في غرفة العمليات السورية، وبين القوات المتقدّمة على الأرض.
يشير أحد القادة الميدانيين لصحيفة "الأخبار"، إلى أنّ العملية جاءت استكمالاً لمساعي قطع الطريق على القوات الأميركية ومن معها للتمدد شمالاً في البادية، وبالتالي السيطرة على الحدود. ويلفت إلى أنّه بعد التطورات التي حصلت على الطريق الواصل إلى معبر التنف، والذي شهد ثلاث غارات أميركية، اتُّخذ قرار بخفض التوتر والتصعيد على طريق التنف، وبذلك بقي أمام سوريا وحلفائها خيار اللجوء إلى قطع الطريق على واشنطن وتطويق قواتها وعزلهم عن الجزء الشمالي من البادية، فكانت العملية التي بدأت الجمعة.
أصبحت الكرة الآن في ملعب واشنطن؛ فأمامها خيارات عدة، قد يكون التسليم بالأمر الواقع أحدها، أي البقاء في منطقة التنف وحدود الـ55 كيلومتراً كمنطقة آمنة لقواتها والمجموعات العاملة معها.
أما احتمال استهداف القوات السورية على الحدود يبقى قائماً، لكن هذه المرّة أيّ غارة مشابهة للغارات السابقة لن تكون ذات قيمة، كونها لن تؤثر في المعادلة على الأرض. لذلك، خيار الضربات الكبرى سيكون أشبه بإعلان حرب، وهو ما يُدحرج الأمور إلى ما قد لا تتحمّله واشنطن في المنطقة في ظلّ الرسائل التي أوصلتها موسكو لهم بأنّ دمشق وحلفاءها لن يوقفوا حملتهم.
أما في المقلب العراقي، فتواصل قوات الحشد الشعبي عملياتها العسكرية، حيث ثبّتت مواقعها عند الحدود السورية، من بلدة أم جريص شمالاً وصولاً إلى معبر تل صفوك جنوباً، ليصل ذلك مجموع الخطّ المحرّر حوالى 55 كلم من الخط الحدودي. ومن المتوقّع أن تتضمّن خطّة "الحشد" تقدّماً جنوبياً، لتصل القوات حتى معبري القائم والوليد، حيث ستلتقي بالقوات السورية.