تتسع القاعدة الشعبية المتخوفة على مستقبل مصر وموقعها في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يُسجل له تنازله عن أراض مصرية مقابل الحصول على رضى السعودية وتأمين مصالح إسرائيل
تقرير: هبة العبدالله
يواجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غضباً شعبياً كبيراً، وهو الذي قدم نفسه في مثل هذا الوقت قبل 4 أعوام بطلا للثورة الثانية التي أطاحت بالرئيس السابق والمنتخب ديمقراطياً محمد مرسي.
حتى الآن، وكما يسجل المصريون، فإن عهد السيسي امتاز بالقمع وتكميم الأفواه والاعتقالات والاختفاءات القسرية، فضلاً عن الإعدامات المشكوك في أدلتها وتزايد الهجمات الإرهابية ضد نقاط تابعة للجيش والشرطة، فضلاً عن تكثيف عمليات استهداف المسيحيين، فيما تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل هائل. وضعت كل هذه الإشكالات شعبية السيسي في حالة انحدار شديد.
وأمام كل الضغوط الداخلية التي يتعرض لها الشارع المصري، كان التنازل السهل عن جزيرتي تيران وصنافير لمصلحة السعودية عاملاً محفزاً لمعارضي السيسي المدعومين باحتجاجات شعبية واعتراضات قانونية قادها حقوقيون في المحاكم المصرية ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
كسب السيسي السعودية وخسر مصر. جاء التوقيع على التنازل بعد أكثر من عام من احتدام الجدل حول إثبات هوية الجزيرتين. لا يفهم المصريون التنازل عن أراضٍ مصرية سوى خيانة محيرة وغير مبررة لصورة الرجل الآتي من خلفية عسكرية، والذي يفترض أن يكون الوريث الشرعي للقيم المصرية.
لا يسقط التنازل عن الجزيرتين على صعوبته بالنسبة إلى المصريين من الإطار العام لمشهد بدأ في أبريل/ نيسان2016، ولم ينتهِ مع توقيع السيسي عن التنازل الأخير عن تيران وصنافير. وقت ذاك، وأثناء زيارة الملك سلمان إلى القاهرة، حصلت حكومة السيسي على اتفاقية استثمارية بنحو 22 مليار دولار سهلت اعتبار التنازل تجارة أجراها السيسي بالمبلغ المذكور، وهو ما يفاقم الغضب الشعبي ضده باعتباره باع للسعودية أراض مصرية الهوية والتاريخ.
وفي هذا الإطار يأتي كلام الكاتبة السعودية زينب البحراني مستفزاً للمصريين، حين تتحدث عن شعب ينسى أنه خسر جزءاً من أرضه مقابل عقود عمل يحصل عليها في السعودية، وهي عقود تستحصل عليها الحكومة المصرية لمواطنيها من الرياض في إطار اتفاقات سياسية تقدم فيه القاهرة تنازلات أكثر لمصلحة الرياض.
في الصورة العامة، لا يبدو المشهد الداخلي في مصر مرضياً كثيراً للمصريين الذي خسروا تيران وصنافير ووجدوا بلادهم في اتفاقية مجدولة مع السعودية لمصلحة الكيان الإسرائيلي، وهو ما يزيد خطأ الرئيس ويجعله غير مرض أكثر بالنسبة إليهم.