زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السعودية لحل الأزمة الخليجية، بعيداً عن كون أنقرة إحدى مسببات تلك الأزمة… خطوة، من شأنها نزول السعودية عن الشجرة الإماراتية.
تقرير عباس الزين
عندما تصبح المشكلة حلاً مقبولاً، فإن تنازلاً لا شك أنه حاصل، المطلوب فقط، بعض العمليات السياسية التجميلية، للخروج بماء الوجه وأقل الأضرار الممكنة.
تركيا التي تعتبر إحدى أساسيات تصعيد الأزمة الخليجية، بدعمها العسكري والسياسي اللامحدود لقطر، قدمت نفسها كوسيطٍ لحل تلك الأزمة.
الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، استقبل الرئيس التركي، رجب الطيب أردوغان، الذي وصل جدة، الأحد، في مستهل جولة خليجية تشمل الكويت وقطر، وذلك في مسعى لحل الأزمة الخليجية، وفقاً لما أعلنته الرئاسية التركية، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس التركي في جدة، ولي العهد محمد بن سلمان، قبل أن يغادر إلى الكويت ثم قطر.
بين الدوحة وأنقرة لا اختلاف جوهري يدفع السعودية لقبول الوساطة التركية، إلا أن الرياض تسعى لانتصارٍ وهمي يضع تراجعها في سياق مفاوضات أو مباحثات. الإنتصار الوهمي قدمه أردوغان للرياض، بالتشديد على أن حل الأزمة يبدأ من "الشقيق الأكبر" السعودية، كدولة محورية في الخليج. في الوقت ذاته، تمسك الرئيس التركي بما تضمنته كلمة أمير قطر، تميم بن حمد، الأخيرة، بأن حل الأزمة يجب أن يحترم سيادة الدول، بعيداً عن أي إملاءات.
يطرح أردوغان وساطته، منطلقاً من رغبة أميركية في الحل، ظهرت معالمها بإعلان واشنطن رضاها على دور قطر في مكافحة الإرهاب، خلافاً لتصريحاتٍ سابقة، ودعوة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، لرفع الحصار البري عن قطر.
الرئيس التركي استثنى الإمارات من جولته الخليجية. أنقرة تحاول وبالتنسيق مع الدوحة، الضرب على وتر الخلافات الموجود أصلاً، بين أبو ظبي والرياض، لا سيما في الملف اليمني.
إعلان قطر تورط الإمارات باختراق وكالة الأنباء القطرية، تزامن مع هجوم أنقرة على أبو ظبي، عبر تحذير مبطن وجهته أنقرة للأخيرة، بأن "الصراعات تولد صراعات والنتيجة لا يمكن التنبؤ بها". تلك اللغة، لا تستعملها تركيا مع السعودية.
تساؤلاتٌ عدة تطرح، حول الهجوم التركي على الإمارات، واستثنائها من جولة الوساطة، مقابل تعويم الدور السعودي، وإعطائه الأهمية الأكبر في مسار حل الأزمة، على حساب الدور الإماراتي.
أنقرة تسعى إلى تنازلٍ سعودي، بعيد عن أي تنسيق مع الإمارات. تلك الخطوة ستطلق عجلة الخلافات بين الرياض وأبو ظبي. وفي ظلِّ وساطة سعودية لحل الأزمة التركية المصرية، وانصياع بحريني لأي توجه سعودي، فإن أنقرة ستبقي على الأزمة الخليجية، لكنها ستحوّل مسارها، بعيدًا عن قواعدها العسكرية، مع إمكانية الحصول على مكتسباتٍ أكبر، بصراع الحلفاء الأعداء..السعودية والإمارات.