بين زيارات زعيم “التيار الصدري” السيد مقتدى الصدر ولقاءات الرئيس العراقي حيدر العبادي، وضعت السعودية أهدافاً تتمحور حول السيطرة على المكون السياسي العراقي ومواجهة إيران من خلاله.
تقرير عباس الزين
“السعودية لم تطلب من العبادي التوسط بينها وبين إيران”. هذا ما قال وزير الداخلية العراقي، قاسم الأعرجي، على الرغم من أنهّ سبق وأكد بالصوت والصورة أن السعودية طلبت من بغداد الوساطة مع ايران، ليعود بعدها ويكذب نفسه.
تدخل سعودي لعدم إعلان تلك الوساطة يبدو واضحاً في الإعلان ونفيه. هي تلك مزاجية الرياض التي تخشى الحرج من إظهار رغبتها التواصل مع طهران، في حين تتهم قطر وغيرها بالعلاقة مع الجمهورية الإسلامية.
بقدر ما تريد الرياض للوساطة ان تبقى طي الكتمان، يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لبدء إلى بدء مسارٍ جديدٍ من العلاقات في المنطقة أولها إيران، علَّ ذلك يخرجها من أزماتها المتنقلة، بين صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت.
في العراق، تريد الرياض للحكومة العراقية تعبيد مسارها الجديد ونقل الحلبة من العسكر إلى السياسة، ومحاولة استقطاب مكونات سياسية عراقية تتشاركها التطلعات إلى عراق ما بعد الموصل، فالطلب من حكومة العبادي التحرك في الوساطة مع إيران رافقه دعواتٌ وجهت للسيد مقتدى الصدر لزيارة الرياض وأبوظبي.
يحظى التوجه السعودي بإجماعٍ من قبل الدول الأربعة المقاطعة لقطر، ما يشي بأن تحرك الرياض نحو العراق يذهب في اتجاهين: الأول قطري والثاني إيراني، خصوصاً وأنّ الحكومة العراقية تواجه ضغوطاً من قبل محور الرياض لاتخاذ موقف ضد قطر.
وبعد يوم من استقبال ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، وبعد زيارة وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إلى العراق، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في تغريدة على حسابه في “تويتر” إن إبن سلمان يقود تحركاً خليجياً واعداً “لبناء جسور” مع العراق.
الوزير البحريني كان قد وصف السيد الصدر بـ”الداعشي الأكبر” قبل أشهر قليلة، واتهم العراق بتدريب الإرهابيين وتهريب مواد وأدوات التفجير للبحرين، الأمر الذي يبقى أقل كلفة سياسية مما أقدمت عليه الرياض وأبوظبي اللتين وجهتا دعوة إلى الصدر واستقبلتاه مع أن “سرايا السلام” و”لواء اليوم الموعود والمهدي” التي يتزعمها الصدر، موضوعة على لوائح الإرهاب السعودية والأماراتية.
أطلق قرقاش، الذي يعتبر المتحدث الرسمي باسم دول المقاطعة، العنان لمرحلةٍ جديدة من المواجهة ستكون بغداد فيها هدف استقطابٍ من قبل تلك الدول، لا سيما وأن الصدر الذي زار الرياض وأبوظبي، يستعد حالياً لزيارة القاهرة بعد تلقيه دعوة رسمية.
مرحلةُ ما بعد “داعش” وما ترتب على ذلك من فشلٍ لمشروع الرياض وحلفائها، دفعت الأطراف كافة إلى إعادة حساباتها، والعمل على ترتيب أوراقها من جديد. الرياض تريد التغلغل في المكون السياسي العراقي مع اقتراب الانتخابات النيابية لمواجهة حلفاء إيران عبر تفتيت الساحة العراقية، وتضييع انجازاتها في البازارات السياسية.