على الرغم من التحذيرات والمخاطر التي لا تحصى، تصر حكومة إقليم كردستان على إجراء استفتاء الانفصال، وسط معارضة دولية تكاد تضع الإقليم في حال انفصاله، وفي ظل دوامة من الأزمات العسكرية والإقتصادية، داخلياً وخارجياً.
تقرير عباس الزين
ما بين العقبات الداخلية والتحذيرات الخارجية، يواصل رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، مساعيه الرامية الى إجراء إستفتاء الإنفصال عن العراق، في 25 سبتمبر / أيلول 2017.
يواجه البارزاني معارضة داخلية في الإقليم، من حزب “الاتحاد الوطني ” الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق “جلال طالباني”، وحركة التغيير “كوران”. ووفقاً لمراقبين، فإن انعدام التوزيع العادل للثروة بين مكونات الإقليم أثار غضب الكثير من الأطراف، ما ساهم بعدم موافقتها على دعم الانفصال لخشيتها من تكريس الاستئثار بالسلطة وبالأموال من قبل حزب مسعود البارزاني والداعمين له.
واعتبر وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، الجمعة 18 أغسطس / آب 2017، أن الاستفتاء المزمع تنفيذه له تداعيات تضر بمصلحة الاقليم، لافتاً الانتباه إلى وجوب عدم إثارة مشاكل مع دول الإقليم بتحريك مكونات شعوبهم ضدهم”، مبيناً أن “المجتمعية الكردية أوسع من الدائرة العراقية لوجودهم في تركيا، وسوريا، وإيران، وروسيا، إضافة إلى العراق.
على الرغم من كون الاستفتاء المزمع تنظيمه غير ملزم بحيث أنه يتمحور حول استطلاع رأي سكان محافظات إقليم كردستان عما إذا كانوا يرغبون في الانفصال عن العراق أم لا، فإن البارزاني أكد أن الاستفتاء هو تمهيد للاستقلال، رافضاً التفاوض مع حكومة بغداد، إلا بعد إعلان النتائج.
وفي خطوةٍ توسعية تهدد بصدامٍ عسكري، أعلنت حكومة الإقليم أنه من المقرر إجراء استفتاء في المناطق المتنازع عليها كافة مع حكومة بغداد، بما في ذلك كركوك وسنجار، وهو ما كانت حذرت منه قيادة “الحشد الشعبي” مسبقاً، والتي دعت الحكومة العراقية إلى فرض سيطرتها على تلك المناطق التي سبق وسيطرت عليها قوات “البشمركة” خلال الحرب على “داعش”.
الى جانب المعارضة الداخلية، فإن موقف الأمم المتحدة كان واضحاً في رفض الإستفتاء، من الناحيتين السياسية والقانونية. ووصف المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة إلى العراق، يان كوبيتش، الاستفتاء بأنه “غير شرعي” كونه لم يرد في الدستور العراقي. بدورهم، دعا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بدورهم إقليم كردستان إلى تجنب “خطوات أحادية الجانب”، معبرين عن رفضهم للاستفتاء.
أما تركيا الرافضة لقرار إنفصال الإقليم، فهددت بإلغاء الإتفاقية التي ترتبط بها الحكومة التركية مع إقليم كردستان منذ عام 2014، لنقل موارد الطاقة التي يتم استخراجها من أراضي الأقليم عبر تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وقد عبّرت طهران مراراً عن رفضها للاستفتاء إلى جانب دمشق وموسكو. وفي ظلّ رفض الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وواشنطن، فإن دعم الرياض وأبوظبي وتل أبيب للانفصال سيجر على الإقليمـ وفقاً لمتابعين، الكثير من المشاكل والأزمات داخلياً وإقليما ودولياً، على وقع صراع المحاور ومعاداة الدول المجاورة.