شكلت العوامل السياسية والعسكرية، المرتبطة بأجندات إقليمية راعية لتنظيم “داعش”، الأرضية الأساسية التي اعتمد عليها التنظيم في اتخاذ قرار إعدام العسكريين اللبنانيين.
تقرير عباس الزين
حظيت المجموعات الإرهابية، إلى جانبِ الدعم المالي واللوجستي، بدعمٍ على مستوى “القيادات” من قبل السعودية. تجسد هذا الدعم باستلامِ شخصياتٍ سعودية لمراكز قيادية حساسة في جسم التنظيمات المسلحة، لا سيما “داعش”، وهو ما كشفت بعض فصوله معلومات صحافية متقاطعة عن دورٍ القيادي السعودي، الملقب بـ”أبو الزبير”، في إعدام جنود الجيش اللبناني الأسرى لدى تنظيم “داعش”، بعد معركة عرسال في عام 2014.
ووفقاً للمعلومات، فإنه بعد أسر الجنود التسعة التابعين للجيش اللبناني، كان قرار قيادة “داعش” في الرقة إرسال قياديين مختلفين، من بينهم المدعو “أبو الزبير”، الذي استلم المهام الشرعية للتنظيم في منطقة القلمون.
ومع مجيء “أبو الزبير”، أصبح للتنظيم في الجرود اللبنانية صفة “الشرعية” وانتقلت صلاحيات التصرّف أو التصريح بشأن العسكريين اللبنانيين إلى القيادة المركزية لـ”داعش” في الرقة، ليتخذ بعدها “أبو الزبير” الوافد حديثاً قراراً بإعدام الجنود الأسرى، مؤكداً أن “هناك قراراً شرعياً من الرقة بإعدامهم لكونهم كفّاراً محاربين”، حيث قصد المغارة التي كانوا محتجزين فيها وأعطى الأمر بتصفيتهم، على الرغم من اعتراض بعض عناصر التنظيم بذريعة أن مبادلتهم ستحقق مكاسب مالية وتحرر سجناء للتنظيم في السجون اللبنانية.
“أبو الزبير” الذي وصل إلى الجرود بعد مدة قصيرة من عملية أسر الجنود، تم استدعاؤه إلى الرقة بعد حادثة إعدامهم، ما يشي بأن قدومه كان ضمن مهمة استخباراتية محددة من قبل الدول الراعية لتلك التنظيمات، ومن بينها السعودية، التي يعتبر “أبو الزبير” أحد مواطنيها.
لم يعلن تنظيم “داعش” حينها عن إعدامه للعسكريين، على خلاف سياسته الإعلامية في مناطق وجوده. ظهر أن تلك القضية مختلفة، بحيث أرادت الجهة التي أوكلت له مهمة إعدامهم استثمارها في الداخل اللبناني، لتقويض الجيش وعرقلة مهامه في محاربة التنظيمات الإرهابية، بالإضافة الى اللعب على الوتر الطائفي الذي رافق معركة عرسال.
الآن، وبعد انتهاء معارك الجرود والقلمون، وانهيار تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، وكشف مصير العسكريين الأسرى ومكان دفنهم، بدأت تظهر معالم أسْرِهِم، وما صاحبها من أحداث عسكرية وسياسية، كشفت عن تواطىء شكّل مظلة لمسلحي “داعش” في اتخاذ قرار إعدامهم.