يكشف مسار التعامل السعودي الإعلامي والسياسي الداعم لانفصال إقليم كردستان حقيقة وخبايا كذبة “الوساطة” التي تطرحها الرياض.
تقرير عباس الزين
تطرح السعودية، وعبر وزير الدولة لشؤون الخليج، ثامر السبهان، نفسها كوسيطٍ لـ”تهيئة الأجواء وإجراء حوار بين بغداد وأربيل”. هنا، عندما تمارس السعودية النفاق السياسي، فإن الأمور تصبح أكثر وضوحاً، في الأهدافِ والنتائج.
تتنافى الوساطة التي تطرحها السعودية بشكلٍ كلّي مع مسار تعاملها الداعم للانفصال الكردي، فلطالما جاهر الإعلام السعودي بالترويج لأفكار البرزاني ومواقفه الداعية للاستقلال عن بغداد.
بعد إعلان البرزاني نيته القيام بالإستفتاء، بدأ الإعلام السعودي الرسمي، مثل صحيفتي “الشرق الأوسط” و”عكاظ” وقناة “العربية”، بحملةٍ ممنهجة وذات خلفيات سياسية لا مهنية بالإضاءة على رأيٍ ومشروعٍ واحد عبر مقابلات متتالية للبرزاني، في مشهدٍ يوضح النوايا السعودية الحقيقة الداعمة للانفصال، والداعية إلى التقسيم.
وإلى جانب الصحف والقنوات التلفزيونية، عمدَ ما يسمى في المملكة بـ”الجيش الإلكتروني” إلى طرح أوسمة داعمة للانفصال الكردي اجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي، بالتزامن مع إعلان بارزاني والأحزاب الكردستانية تنظيم الاستفتاء. كان وسم “دولة كردستان الكبرى” الأكثر انتشاراً في السعودية، حيث دعم المغردون ما وصفوه بـ”أحقية الشعب الكردي في تحديد المصير وبناء دولتهم المستقلة”.
تعتبر كردستان الكبرى إحدى الاستراتيجيات التقسيمية السعودية في المنطقة، والتي كان طرحها بشكلٍ علني المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات السعودية، أنور عشقي، خلال ندوة استقبلتها الخارجية الأميركية في عام 2015، وجمعته مع المدير العام لوزارة خارجية الاحتلال الاسرائيلي، دور جولد، حين لفت إلى أنه “يجب العمل على إيجاد كردستان الكبرى لأن من شأن ذلك أن يخفف من المطامع التركية والإيرانية والعراقية”، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن دولة كردستان الكبرى “ستقتطع ثلث من إيران وثلث من تركيا وثلث من العراق”.
وكان مستشار الديوان الملكي السعودي، عبد الله بن عبد بدوره بدوره قد أشار بعد عودته من “كردستان العراق”، ولقائه مسؤولي الإقليم، في مارس / آذار 2017 إلى أن كردستان “يمكنها التواجد كبلد قوي ومؤثر في المنطقة”.
في المفهوم العام للوساطة يجب أن يكون الوسيط على مسافة واحدة من الطرفين، بيد أن الرياض التي تشكل رأس حربة في دعم الانفصال والترويج له، ستعمل وفق ما ذكر “ائتلاف دولة القانون” الذي يرأسه نائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، إلى زج العراق في فتيل أزمة جديدة، وبحرب طائفية مذهبية عرقية بعد فشل مشروع “داعش”، إذ إنه تحت ذريعة “الوساطة” ستشعل نار الخلاف أكثر، بين أربيل وبغداد، في سعيها لبناء “إسرائيل جديدة شمال العراق”.