تلويح بغداد بالحسم العسكري بشأن استفتاء كردستان أجهض ورقة الضغط الأميركية، ما دفع واشنطن ومن أمامها الرياض إلى تغيير موقفها وإعلان رفضها استفتاء إقليم كردستان.
تقرير عباس الزين
قبل خمسة أيامٍ من موعد استفتاء إقليم كردستان العراق، خرجَ للمرة الأولى صوتٌ سعودي، يدعو حكومة رئيس الإقليم، مسعود برزاني، لعدم إجرائه، وفقاً لما صرّح به مصدر مسؤول في الخارجية السعودية.
وأشار لمصدر الذي لم يكشف عن اسمه إلى أن الرياض “تتطلع إلى حكمة وحنكة برزاني، لتجنيب العراق والمنطقة مزيداً من المخاطر التي قد تترتب على إجراء الاستفتاء”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية “واس”.
لا يتناغم حديث الرياض عن مخاطر الاستفتاء مع مسار الدعم للإقليم وحثه على اجراء الاستفتاء والانفصال بشكل رسمي، عبر مستشار الديوان الملكي، عبد الله بن عبد العزيز، بأن كردستان يمكنها الحضور كبلدٍ قوي ومؤثّر في المنطقة. يطرح هذا التناقض السعودي تساؤلاتٍ عديدة حول التوقيت والتطورات التي رافقت هذا القرار، لا سيما وانه جاء بعد يومين من إعلان المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات السعودية، أنور عشقي، والذي تمرر عبره الرياض مواقفها المطمئنة لإسرائيل، بأن “السعودية لا تقف أمام إرادة الشعوب”، وفق تعبيره، وأنه “من حق الأكراد أن يكون لهم دولة”.
التغير المفاجىء في الموقف السعودي، من داعمٍ للاستفتاء الى رافضٍ له يبقى على سطح السياسية، لا يوجد صدى له في العمق، وهو يرتبط بشكلٍ مباشر بما آلت إليه القرارات العراقية خلال اليومين الماضيين. فقد أعلن مصدر حكومي عراقي، الأربعاء 20 سبتمبر / أيلول 2017، بأن “خيارات بغداد لا تستثني التحرك العسكري، لمواجهة سلطات إقليم كردستان، في حال أجري الاستفتاء”، معتبراً أن “الحكومة العراقية لديها القوة العسكرية الكافية والتأييد الدولي اللازم، لردع الأفكار التقسيمية للبارزاني”.
يأتي هذا التهديد بالخيار العسكري بالتزامن مع الحشود العسكرية للقوات العراقية على مقربة من منطقة الحويجة التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم “داعش”، والواقعة جنوب محافظة كركوك المتنازع عليها.
ووفقاً لمتابعين، فإن القوات العراقية المحتشدة من الممكن أن تتحول الى قوة مواجهة “للبشمركة”، التي تحتل أجزاءً من المحافظة الشمالية، في وقتٍ جاءت فيه زيارة نائب قائد “الحشد الشعبي”، أبو مهدي المهندس، الإثنين، إلى كركوك على رأس قوة أمنية لتحمل دلالاتٍ كثيرة في التوقيت، إذ شكلت مصدر قوةٍ عسكرية لبغداد أدت الى إعلانها الخيار العكسري، ما أرغم الرياض على إعلان موقفها الرافض للاستفتاء.
أمام تلك التطورات، فإن تأجيل الإستفتاء والمفاوضات، من وجهة نظر السعودية، أقل تكلفة من المواجهة العسكرية، والتي ستحسم وفقاً للظروف المرافقة، لصالح القوات العراقية، ما من شأنه تحوّل الاستفتاء من ورقة ضغط إلى فشل عسكري وسياسي يقفل الباب أمام فرص الانفصال.