السعودية / البجرين اليوم – عُقدت اليوم الجمعة، 19 سبتمبر، في جنيف ندوة حول “انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية”، بتنظيم من منظمة “أمريكيون للديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”.
مدير المنظمة، حسين عبد الله، افتتح الندوة باستعراض أوضاع النشطاء الحقوقيين في السعودية، بينهم الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن، أمثال الناشط المحامي وليد أبو الخير. وأشار إلى تقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية الذي أكّد انعدام الحريات الدينية في السعودية. وقال بأن السلطات هناك “تهمّش الحريات”، وتمنع “ممارسة شعائرهم الدينية، كما يحصل مع الشيعة في المنطقة الشرقيّة”. وشدّد عبد الله على أنه “لا يمكن الإدعاء بأن السعودية حقّقت إصلاحات على صعيد المرأة ومنحها حقوقها”، ممثلا بمنع المرأة من قيادة السيارة. حسين عبد الله أثنى على شجاعة النشطاء السعوديين، ومنهم سمر بدوي، التي قالت بأنها “تحدّت النظام السعودي”.
وقال حسين عبد الله بأنهم في المنظمة يسعون للعب دور بنّاء في حل مشاكل الناشطين في السعودية.
وفي مداخلة له، قال الناشط الحقوقي نبيل رجب بأنه قلق على الناشطة الحقوقية سمر بدوي في حال عودتها إلى السعودية، وذلك بسبب مشاركتها في جنيف. وقال رجب بأن السعودية قادرة على “شراء صمت بريطانيا من خلال صفقة بطائرة تايفون واحدة”. وأكّد ضرورة أن يتعاون النشطاء في البحرين والسعودية والاستمرار في الدفاع عن النشطاء المعتقلين، ومنهم وليد أبو الخير.
وفي الندوة، شارك عدد من النشطاء السعوديين، وهم سمر بدوي، زوجة المحامي المعتقل أبو الخير، والناشط علي الدبيسي، عضو المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان، والناشط حسن العمري من منظمة “ديواني”، وآدم كول من منظمة هيومن رايتس ووتش.
سمر بدوي: الاستبداد في السعودية
سمر بدوي تطرقت إلى جوانب من الاستبداد في السعودية، وقالت بأن “فقدان العدالة دفع العديد من الشباب لانتهاج العنف”. وأشارت بدوي إلى اعتقال عشرات الآلاف، والتحقيق معهم “بأساليب غير إنسانية، والحكم عليهم في محاكم غير عادلة”.
وقالت بدوي في مداخلتها في الندوة بأنّ هناك العديد من السجناء الذين يقبعون في السجون منذ سنوات بلا محاكمات. وقالت بأن السلطات اعتقلت أهالي المعتقلين حينما أبدوا اعتراضهم على سوء أوضاع أبنائهم المعتقلين. وأوضحت بأن الناشط فاضل المناسف تم اعتقاله على خلفية دفاعه عن المعتقلين ونشاطه الحقوقي في هذا الجانب، حيث تم الحكم عليه 15 سنة. وأوردت بعض الأمثلة الأخرى، ومنها اعتقال أحد الآباء بغرض الضغط عليه لتلسيم ابنه المطلوب لدى الأجهزة الأمنية.
وبخصوص الطائفية، قالت بدوي، بأنها تنخر في المجتمع، وفي حين أن الحكومة تدعي بأنها لا تقف مع الطائفية، إلا أنها تعاقب كلّ من يتكفل بمحاربة الطائفية، وذلك في إشارة إلى الملاحقة القضائية للنشاط الحقوقي مخلف الشمري الذي أبدى مبادرة شخصية لمحاربة الطائفية. وتطرقت بدوي إلى شقيقها المعتقل، رائف بدوي، المحكوم 10 سنوات والجلد ب1000 جلدة.
آدم كوغل: القضاء كأداة للقمع
ومن الأردن، كانت مداخلة للناشط آدم كوغل، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، وقال بأن السلطات السعودية تقمع النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان “بشراسة”، وذكر من النشطاء أبو الخير، محمد القحطاني، مخلف الشمري، وعبد الله الحامد، الذين يقبعون داخل السجن. وقال كوغل بأن السعودية “تستخدم القضاء كأداة لقمع الناشطين”، كما أنها “تدين الناشطين لممارستهم لحقوقهم المشروعة”، ولا تسمح لأي نشاط يدعو للإصلاح، وعدّد بعض حالات الانتهاك في السعودية، وقال “لو أن سمر بدوي تتصل بي لإخباري عن حالة إنتهاك لحقوق الإنسان؛ فإن النظام السعودي سيتهمها بالإرهاب وفقا لقانونهم”.
وأبدى كوغل استغرابه من أن “السعودية سعت للحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان وقد نجحت في ذلك”، في حين أنها “تقمع الناشطين”. وخلص إلى القول بأن “الأوضاع تسوء بشكل كبير في السعودية”.
وأبدى كوغل أسفه من “عدم نجاح الناشطين في لفت انتباه المنظمات العالمية لواقعهم، كما فعل البحرانيون في قضية مريم الخواجة”. وبيّن إزدواجية الموقف الغربي “التي تدعو لإطلاق سراح الناشطين في مختلف انحاء العالم، غير أنها تسكت عما يحصل في السعودية”.
حسن العمري: هيمنة وزارة الداخلية على القضاء
أما رئيس منظمة “ديواني” الحقوقية، حسن العمري، فتطرق في مداخلته إلى إلى “كيفية معاقبة السعودية للناشطين بسبب نشاطاتهم السلمية”، وقال بأن “السعودية تدعي تطبيق الشريعة، وهي وقعت على العديد من المواثيق الدولية ومنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، إلا أن سجلها في هذا المجال سيء، وقال بأن منظمته سجّلت عشرات الحالات التي تؤكد انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وأوضح العمري بأن السعودية تواجه مطالبات الناشطين الإصلاحية ب”الاعتقالات والمضايقات”، مشيرا إلى “هيمنة وزارة الداخلية السعودية” والتي تعمل على معاقبة النشطاء، وإصدار أحكام بحقهم.
وأعطى العمري أمثلة على نوعية التهم التي توجّه إلى الناشطين في السعودية، ومنها تهمة التحريض على ولي الأمر، والطعن في بيعته، وكذلك الطعن في السلطة القضائية والتشكيك في نزاهتها، ونقد مسؤولي الدولة، وانتقاد هيئة العلماء، والتظاهر، وتصوير التظاهرات، ونشر معلومات عبر وسائل الاتصال الاجتماعي. ومن التهم الجديدة في السعودية، أشار العمري إلى إلى تهمة “إستعداء المنظمات الدولية ضد المملكة”، وقال بأن ما يقوم به النشطاء الآن في جنيف “هو جريمة بنظرهم”. وأشار العمري إلى تهمة جديدة وجّهت إلى الدكتور محمد القحطاني، وهي “تعطيل التنمية”.
العمري قال بأن هذه التهم “لا أساس لها في الشريعة، ولا في القوانين الدولية” ولكنها موجودة “فقط في السعودية”. وناقش العمري تهمة محدّدة، وهي عقوبة المنع من السفر. حيث يحكم القضاء السعودي بالمنع من السفر كعقوبة مستقلة، رغم ان المنع من السفر لا يعتبر عقوبة بحالها بحسب القوانين الدولية، وقال العمري بأن هذه العقوبة وحسب القوانين هو إجراء احترازي، ولفترة محددة، ولكنها في السعودية تصل إلى 20 سنة، وأوضح بأن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان تعرضوا لهذه العقوبة.
وقال بأن منظمة ديواني أجرت دراسة حول مدى تطابق الأحكام والإجراءات القضائية مع الشريعة الإسلامية والقوانين الدولية، وتبيّن عدم انسجامها معها.
العمري أشار إلى أن الإدعاء العام ليس مستقلا، بل تابعا لوزارة الداخلية السعودية، وقال بأن المدعي العام يخترع تهما وأحكاما، في حين أن المملكة لا يوجد فيها فصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وفي ختام مداخلته في ندوة جنيف، دعا العمري السلطات السعودية إلى احترام القانون، وإلى الفصل بين السلطات.
علي الدبيسي: الإفلات من العقاب
رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، علي الدبيسي، تطرق في مشاركته بندوة جنيف إلى “سياسات الإفلات من العقاب في المملكة”، وقال بأن أحد “أوجه الخلل في نظام العدالة هو غياب قوانين الدفاع عن الناشطين”، و”عدم اعتراف المسؤولين بأن هناك خللا في نظام العدالة”، وهو ما يؤدي “إلى مزيد من الإنتهاكات”.
وقدّم الدبيسي بعض الأمثلة على هذه السياسات. حيث أشار إلى المدافع عن حقوق الإنسان، عيسى النخيفي، والذي أُعتقل للمرة الثالثة في 2012، ووُضع في السجن الانفرادي، وبملابس داخلية خفيفة في جوّ شديد البرودة، وقد أصيب بمتاعب صحية عديدة نتيجة لذلك.
كما تعرّض الناشط وليد أبو الخير للتعذيب، ونُقل إلى سجن يبعد 1000 كم بعيدا عن منزله. وتعرّض المدافع الحقوقي فاضل المناسف إلى ضرب بالأيدي والأرجل وبخراطيم المياه. كما تعرّض الشيخ نمر النمر في اعتقاله الرابع في يوليو 2012 لإطلاق النار، حيث تهشمت رجله وبقيت الرصاص في جسمه لمدة شهر، ومُنع من التعرض لأشعة الشمس لمدة عامين. وقال الدبيسي، بأنه رغم كلّ هذه الانتهاكات للنشطاء، إلا أن المعذّبين والمجرمين لم يُحاكموا.
وأكد الدبيسي بأن القضاء يُصدر أحكاما وفقا لإعترافات انتزعت تحت التعذيب، كما حصلَ مع فاضل المناسف.
أما الأسلوب الثاني في الإفلات من العقابن بحسب الدبيسي، فأشار إلى محاباة شهود الإدعاء، وعدم محاكمة أي معذّب، وقال بأنهم يتمتعون بالحصانة والأمان من العقاب. أما الأسلوب الثالث فهو عدم وجود جدية في تطبيق الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها السعودية.
وفي ختام كلمته، قال الدبيسي بأن النشطاء الحقوقيين في السعودية يحدوهم أمل كبير بتحرّك دوليّ ضد الانتهاكات، وخاصة بعد تقرير المقرر الخاص الأممي الذي حمّل الحكومة السعودية مسؤولية الانتهاكات، وأمّل الدبيسي تغيّر النظرة نحو المدافعين، وطالب المؤسسات الدولية بالدعم.