تقرير عباس الزين
أمعنت القوات السعودية في قمع ناشطي الحراك السلمي الذي بدأ في عام 2011، وعندما انتفض الناشطون بوجهها دفاعاً عن أهلهم، ألبسهم النظام تهماً توجد بالأساس في مكوناته الحاكمة، كالإرهابِ والمخدرات، في محاولة لتشويه صورتهم.
في التاريخ الإسلامي، يُنقل أن بعضاً من أهل الشام، وعندما وصلهم نبأ استشهاد الإمام علي عليه السلام في محرابه، تعجبوا متسائلين: “أكان عليٌ يصلّي؟”. تساؤلهم هذا كان نتيجةً للحملة الإعلامية التي اعتمدها معاوية بن أبي سفيان لتشويه صورة الإمامِ علي (ع). وهي سياسةٌ إعلامية توارثها آل سعود بوجه كل طالبِ حقٍ.
قضى الشهيد الناشط، خالد اللباد، في حكم إعدام من السلطات السعودية في بلدة العوامية خلال عام 2012. ادعت قوات الاجتياح، حينها، أنها قتلت اللباد وأحد مرافقيه للدلالة على أنه إرهابي يترأس عصابة، فيما توضح المعلومات أنّ من استشهد معه هو الطفل محمد حبيب المناسف (16 عاماً) بعد إصابته برصاص قوات الاجتياح العشوائي، وهو حال الناشطين الشهداء مرسي الربح وأكبر شاخوري.
أما الناشط المعتقل، عباس المزرّع، فتّدعي السلطات السعودية أنه من مروجي المخدرات، في حين أن المزرّع كان من ناشطي الحراك المطالبين بالعدالة والمساواة وإلغاء التمييز، ويمتاز بسيرته الحسنة، التي جعلته منبرياً صادحاً بالحق.
يعد ترويج المخدرات واستخدامها من خصائص النظام السعودي وأفراده، مثل على ذلك القضية المشهورة للرائد، حمزة الرشيدي، الذي سجن بعد الفضيحة التي كشفها عن الكميات الهائلة من المخدرات التي تهرّب في المملكة وقت موسم الحج من دون تفتيش، بمساعدةٍ وتغطية من وزارة الداخلية السعودية، وصولاً إلى الأمير السعودي المعتقل في لبنان بتهمة تهريب مادة “الكبتاغون” المخدرة، وليس انتهاءً بما تم كشفه مؤخراً بأن ولي العهد ووزير الداخلية السابق، محمد بن نايف، كان من مدمني المخدرات، وقد عولج أكثر من مرة في البلدان الأوروبية.
أيضاً، الشهيد سلمان الفرج، الذي أعدمته السلطات السعودية في منزله يوم الثلاثاء 19 ديسمبر / كانون الأول 2017، نشرت له “حسابات الداخلية” على “تويتر” صوراً مفبركة بهدف تشويه صورته، فيما تؤكد سيرته الحسنة والتسجيلات المنتشرة له أنه كان من الناشطين البارزين الذي وضعوا حياتهم في خدمة أهالي العوامية وحقوقهم.
وقد حاولت السلطات السعودية استثمار قضية الشيخ محمد الجرايني بعد إظهار جثته مباشرة فور قتلها للفرج، سعياً منها إلى إلصاق التهمة بالشهيد، الأمر الذي يؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك بأن السلطات كانت تتحفظ على جثة الشيخ، وقد أظهرتها بالتوازي مع اقتحام منزل الشهيد الفرج.
يظهر قبح هذه الأساليبٌ في الطريقة التي تمارسها الرياض، ويظهر أيضاً فشلها في الحقائق التي تبدو ظاهرةً واضحة. تهمتا المخدرات والإرهاب، اللتان تتصدر السلطات السعودية المشهد فيهما، ليستا إلا شماعة يعلّق عليها آل سعود خوفهم وجزعهم من كل صوت يعلو بالحق فوق آلة ظلمهم وقمعهم.