تقرير: إبراهيم العربي
بدأت أنقرة سريعاً تستثمر الحياد السوداني في الأزمة الخليجية. أوجدت حليفة الدوحة الأبرز ضد الرياض وأبو ظبي لنفسها مساحة اقتصادية وعسكرية وسياسية في الخرطوم، تشي أن السعودية فشلت في استقطابِ البلد الأفريقي لصالحها، على الرغم من الوعود الاقتصادية والتجارية التي بقيت حبراً على ورق.
يبدو واضحاً من قراءة دلالات زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية إلى السودان وما حملته من رسائل أنها تعكس الخلافات الجوهرية بين السودان والسعودية، التي بدأت ملامحها تطفو على السطح منذ اندلاع الأزمة الخليجية مطلع يونيو / حزيران 2017، التي فضلت فيها الخرطوم عدم الانحياز إلى دول المقاطعة، وما يتداخل فيها من رغبة سودانية بالانسحاب من تحالف العدوان على اليمن، بعد الخسائر التي مُنيَ بها الجيش السوداني من دون أي نتائج ميدانية، في وقتٍ لم تف فيه السعودية بوعودها التي رافقت دخول الخرطوم “التحالف” معها.
حملت خطابات أردوغان في السودان رسائل هامة، بإعلانه أن الأخيرة سلمته جزيرة “سواكن” الواقعة في البحر الأحمر، شرق السودان، كي تتولى بلاده إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يحددها، مضيفا أن هناك ملحقاً لن يتحدث عنه، ما يؤشر إلى أن أنقرة تحجز لنفسها مكاناً منافساً للإمارات والسعودية على البحر الأحمر، إحدى أهم المناطق الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
كشف أردوغان أمام المنتدى الاقتصادي، الذي عقد في الخرطوم، أن تركيا والسودان يعملان لرفع التبادل التجاري بين البلدين خلال عامي 2018 و2019 بمقدار مليار أو ملياري دولار في العام الواحد، ليرتفع تباعاً في الأعوام المقبلة إلى 10 مليارات، بالإضافة الى اتفاقات تجارية بين رجال أعمال البلدين، في منافسةٍ واضحة للاستثمارات السعودية التي يؤكد مراقبون أنه لم يتحقق منها شيء حتى الآن.
أمّا عسكرياً، فإن الاجتماع الثلاثي، الذي عقده رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار، مع نظيريه السوداني عماد الدين مصطفى عدوي، والقطري غانم بن شاهين الغانم، يكشف أن الأيام المقبلة ستحمل في طياتها تحالفات جديدة، تخسر فيها الرياض حليفاً كان يعتبر بالأمس القريب بوابتها إلى القارة الأفريقية.