فيما يعاني الشعب السعودي من ارتفاع نسب البطالة والفقر، وعجزٍ في الميزانية وتدهورٍ في الاقتصاد، يبدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المليارات على واشنطن لقاء الحماية والرعاية، حيث أن سياسة الابتزاز تحكم العلاقة بينهما، لا الشراكة ولا التحالف.
تقرير: محمد البدري
تكدّس الرياض الأسلحة وتكدّس واشنطن المليارات. وفيما تعيش السعودية أوضاعاً اقتصادية صعبة وارتفاعاً في معدلات البطالة والفقر، يحتفي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالوظائف الجديدة التي ستؤمنها الصفقات مع السعودية، والتي سنعش الاقتصاد الأميركي.
لم تكن كلمات ترامب لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال لقائهما الأخير، عن ثراء مملكته وضرورة أن تدفع المال بالمفاجأة. لأن ترامب ذاته كان وصف السعودية بـ”البقرة الحلوب” التي عليها أن تدفع مقابل الحماية والدعم خلال حملته الانتخابية.
يقول ترامب لإبن سلمان خلال استعراض صفقات الأسلحة بأن المبلغ المدفوع هو “فتات بالنسبة إليكم”. يبتسم ابن سلمان، غير شاعرٍ بالإهانة التي وجهها إليه الرئيس الأميركي. يدري ولي العهد أنه يتعرض للابتزاز، ويدري أن وصوله إلى الحكم لم يكن بسبب الكفاءة أو الحاجة الاستراتيجية الأميركية. بل إن السبب فقط هي المليارات التي تدفقت على الخزائن الأميركية فقط.
هو الابتزاز إذن، تعطونا المليارات نؤمن لكم الحماية، هذا هو “بنزنس” واشنطن. ويظهر بشكلٍ واضح أن الرياض لم تصل بعد إلى درجة الحليف أو الشريك لواشنطن، حيث أن الأمر يرتبط بالمال فقط لا بالضرورات الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط.
تشتري السعودية أمنها من الولايات المتحدة. هذا ما تؤكده كلمات ترامب حول ضرورة الدفع للحماية. لكن أمن المملكة ليس ذاتياً، وليس في تكديس الأسلحة، أو حتى صناعة قنبلة نووية، بل إنه يرتبط وجودياً بالرضا الأميركي. ما يشي بأن التهديد الأبرز لأمن السعودية هو الولايات المتحدة ذاتها، التي إذا توقف ابن سلمان عن تكديس المليارات في خزائنها سيصبح حكمه بلا حماية ولا رعاية، وسينهار أمن دولته.
بين الحماية الاميركية والمليارات التي يبددها ابن سلمان، يدفع الشعب السعودي الثمن. فالبطالة في المملكة وصلت إلى 12.8 في المئة، كذلك وصل الفقر إلى مستوياتٍ عالية. والعجز في الميزانية وصل مع نهاية عام 2017 إلى أكثر من 60 مليار دولار. ومع إعلان أضخم ميزانية في تاريخ السعودية لعام 2018 بنفقات تقدّر بـ 260.8 مليار دولار، يبدو أن النصيب الأكبر منها سيكون لواشنطن، وإلا لا أمن ولا رعاية.