الضياع وغياب الهوية هما أبرز ما يميز السياسة الخارجية للسعودية خصوصاً في ما يتعلق بعدائها لإيران واحتمال المواجهة معها. خسرت الرياض كل المعارك بالوكالة مع طهران، ما جعلها تلجأ إلى نصر موهوم بغزو العاصمة الإيرانية افتراضياً.
عاطف محمد
عندما تحاول اليوم فهم واستشراف محددات السياسة السعودية خصوصاً الخارجية منها، فإنك تُصاب بالحيرة، فبرغم عديد المزايا التي تتمتع بها، سواءً من جهة الثروة الهائلة أو من جهة احتضانها لأهم مكانين مقدسين لدى المسلمين، إلا أن المملكة تسير بدأبٍ نحو التضاؤل والفشل، بسبب تخبط سياساتها التي جعلتها تكسب عداوة الكثيرين من حولها.
تتخبط السياسية الخارجية السعودية بشكلٍ كان ليبدو هزليًا ومضحكًا لو أنه لم يُسفر عن هذا القدر من الخسائر البشرية. هذه حقيقة سبق وخلص إليها موقع “ذا إنترسبت” الإلكتروني، وما يؤكد هذه الخلاصة واقع الصراع الإيراني السعودي المفتعل من جانب الرياض. فالمملكة خسرت جميع معاركها بالوكالة ضد طهران، في سوريا والبحرين واليمن، وكذلك محاولتها المأساوية مؤخراً لزعزعة استقرار لبنان عن طريق احتجاز رئيس حكومته سعد الحريري، في نوفمبر / تشرين الثاني 2017.
الضياع وغياب الهوية هما صفتان ملازمتان لسلوك المملكة اتجاه إيران، فبعد 7 سنوات من تغذية الحرب على سوريا مادياً ولوجستياً للوقوف في وجه مزاعم التمدد الإيراني، يعترف ولي العهد محمد بن سلمان بالخسارة وببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه. أما في اليمن، فبعد ثلاثة أعوام من العدوان السعودي تخرج وزارة الداخلية السعودية لتقول إن العاصمة الرياض “آمنة”، وذلك بعد إمطارها بصواريخ بالستية يمنية.
دفع الواقع المخزي والانتكاسات المتواصلة السعودية إلى العالم الإفتراضي علّها تحقق نصراً معنوياً يسعد قلب ابن سلمان وهو يشاهد على “يوتيوب” جيشه الإلكتروني يغزو طهران وصنعاء ودمشق.
فقد انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمعارك يخوضها الجيش السعودي ويلحق “الهزيمة” فيها بالإيرانيين “في عقر دارهم”، وكذلك انتشرت ألعاب فيديو تدعو السعوديين إلى “قتال الحرس الثوري”.
تطرح هذه المشاهد الافتراضية العديد من التساؤلات لدى مغردين سعوديين على “تويتر”. يتساءلون عن أنه كيف يمكن للرياض الوصول إلى قلب طهران من دون أن يظهر جيشها المقدر بنصف مليون مقاتل؟ ولماذا يعتقل الجيش السعودي الافتراضي قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، وهو الذي تجول ميدانياً على كل الجبهات في العراق وسوريا؟ وأشار آخرون إلى أنه بدلاً من اللعب ومضيعة الوقت افتراضياً على ابن سلمان أن يجد حلاً لمستنقع اليمن ويحمي الرياض من صواريخ ليس كتلك التي تستعرضها مقاطع الرسوم المتحركة السعودية.