نبيل لطيف -شفقنا
سابقا كنا نسمعهم، وكان بعضنا يمر من امامهم مرور الكرام، وبعضنا الاخر كان يضحك عليهم ملء شدقيه، وهناك من كان يهزأ بهم، ولكن لم يخطر ببالنا ان يصغي اليهم احد من بيننا لسخف مقولتهم، الا ان الاوضاع البائسة التي نعيشها اليوم، جاءت لتؤكد وبقوة على اننا كنا على خطأ، فهناك من كان بيننا يرى في هذيان اولئك حكمة ودينا.
ان ما يعرفون بالدعاة ، من مشايخ الوهابية ، كانوا لا يكفون عن بث افكارهم المتطرفة والعنيفة ضد الاخر ، وضد الحياة والدين والانسان والحضارة ، الا اننا كنا نعتقد ان ما يقولونه لا يمكن وصفه الا بالهذيان ، وان العالم قد تجاوز المرحلة الظلامية ، واننا في عصر النور ، وان ما حدث من كوارث وفظاعات ابان تاسيس الدولة السعودية داخل جزيرة العرب وتداعيات هذا التاسيس على العراق ومناطق اخرى في المنطقة ، لا يمكن ان يكررها انسان اليوم ، لانه من الصعب تصور ان من الممكن ان نقوم نحن اليوم بتدمير تاريخنا وتراثنا تحت عنوان القضاء على الشرك ، او نقوم بذبح بعضنا بعضا تحت عنوان القضاء على المرتدين والمشركين والكفار ، او نقوم بسبي نساء وطننا واغتصابهن وبيعهن في الاسواق على انهن سبايا ، ولكن وللاسف وقع ما كنا نعتقده مستحيلا ، وها نحن نكرر اليوم في العراق و سوريا ومناطق اخرى ، ما فعله الوهابيون بالامس في جزيرة العرب.
بعد هذه الكوارث التي تعصف بنا بسبب من يسمون انفسهم بالدعاة ، لم يعد مسموحا بعد اليوم المرور مرور الكرام ولا الضحك ولا الاستهزاء مما يقوله مشايخ الوهابية والسلفية ، ما دام هناك من يعيش بيننا ، يؤمن ان ما يهرج ويهذر به هؤلاء من سخف وهذيان بانه دين وان ما يقولونه هو الاسلام الصحيح ، لذا يجب الوقوف في وجه هؤلاء وكشف فساد عقيدتهم والرد على كل ما يقولونه ولو كان سخيفا ، حتى نقلل من مخاطر ما يقولونه ونحول دون وقوع شبابنا في فخاخهم.
آخر اصوات النشاز لهؤلاء الدعاة السلفيين الوهابيين ،هو الصوت الذي سمعناه منذ ايام ل” القيادي البارز بالتيار السلفي الجهادي” !! في الأردن عبد القادر شحادة الملقب بـ(أبي محمد الطحاوي) ، وهو يصف الحرب التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد “داعش” بانها “حرب على الله ورسوله والمؤمنين”.
والمعروف أن الطحاوي معتقل لدى الأجهزة الامنية الاردنية منذ 30 شهراً على خلفية قضايا متعلقة بالامن وبموقفه المؤيد ل”داعش” ، وتم نقل مواقفه هذه عبر رسالة نقلها وكيل التنظيمات الاسلامية المحامي موسى العبداللات للصحافة.
وشدد الطحاوي في رسالته على موقفه من “داعش” وقال “لن أغير موقفي أبدا حتى لو كان ثمن ذلك من السجن إلى القبر”.
رغم ان من الصعب اقناع اي انسان عاقل بأن هدف التحالف الامريكي الغربي التركي العربي الرجعي ضد “داعش” ، هو الارهاب حقا ، وان هذا التحالف يريد استئصال الارهاب المتمثل اليوم ب”داعش” من جذوره من المنطقة ، فجميع الحقائق على الارض تؤكد ان “داعش” و “النصرة” وباقي التنظيمات التكفيرية الاخرى في سوريا والعراق هي صناعة امريكية تركية سعودية قطرية مشتركة ، لذا فان من المستحيل ان تقوم هذه الدول بتدمير ما صنعته خلال السنوات الاربع الماضية في سوريا ، وان هناك اهدافا اخرى من وراء هذا التحالف والتي ستتكشف طبيعتها مع قادم الايام ، وفي مقدمة هذه الاهداف اسقاط النظام السوري ، بعد ان فشلت “داعش” و”النصرة” وباقي التنظيمات التكفيرية الاخرى من تحقيق هذا الهدف.
ولما كان من الصعب اقناع اي انسان عاقل بالاهداف المعلنة للتحالف الدولي ضد “داعش” ، فان من الصعب ايضا اقناع الانسان المسلم بان الحرب على تنظيم “داعش” الوهابي التكفيري هي ” حرب على الله ورسوله والمؤمنين” ، فمثل هذا القول يكشف مدى الانحدار الاخلاقي والديني والمعرفي الذي وصل اليه مثل هؤلاء الناس ، فما قاله المدعو الطحاوي هذا ، هو افتراء على الله والرسول والمؤمنين ، واهانة كبرى للاسلام ونبيه العظيم وللمؤمنين ، فالرجل يريد ان يدخل في عقل مستمعيه فكرة في غاية الخطورة مفادها ؛ ان ما قامت به “داعش” هو استنساخ لما قام به النبي (صلى الله عليه وآله) ، والعياذ بالله ، وان المدعو البغدادي هو خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وان من يحيطون به من التكفيريين هم بمنزلة الصحابه !!، فهل بعد هذه الجريمة جريمة ؟ وهل بعد هذا الجنون جنون؟.
ان على الشباب المثقف والواعي في الامة ، ان يضعوا من الان فصاعدا قائمة سوداء باسماء هؤلاء المفترين والمجانين ، من الذين يغررون بشبابنا ، وتعميمها على شبكة التواصل الاجتماعي ، ليعرفهم الناس على حقيقتهم ، وبالتالي حصرهم في زوايا ضيقة ومعتمة ، فلا يليق بهؤلاء الا الظلام ، فهم كالخفافيش تكره النور.
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)