يواجه الأردن أزمة داخلية تسببت بها الضغوط الاقتصادية التي تفرضها عليه السعودية والإمارات، اللتين سعتا لعزله سياسياً ومحاربته اقتصادياً بعد رفضه السير بسياساتهما في المنطقة.
تقرير: هبة العبدالله
يتعرض الأردن لضغوط كبيرة على خلفية موقفه المعارض للرياض وواشنطن في ما يتعلق بالصيغة التي توصلا إليها بشأن القدس تحت مسمى “صفقة القرن”، إذ أن رفض الأردن لإعلان القدس “عاصمة” لكيان الاحتلال وضعه في دوامة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
قابل موقف الأردن توقف شبه تام للمساعدات الخليجية التي استمرت لأعوام طويلة. ففي أكثر من موقع بُعيد نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس تحدث ملك الأردن عبد الله الثاني عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد نتيجة شح المساعدات المقدمة وعن ضغوط اقتصادية تمارس على الأردن نتيجة مواقفه من قضية القدس المحتلة، ورفض إعلانها عاصمة للاحتلال.
وانعكس عدم قبول عمان بـ”صفقة القرن” لنصلحة الاحتلال تراجعاً حاداً في حجم المساعدات السعودية والإماراتية المقدمة إلى الأردن، وهو ما يعني تغيراً في علاقات الأردن الخارجية وتحالفاته الدولية والعربية.
وتبع التباين بين الأردن والسعودية وأميركا في القضية الفلسطينية تقارب من الأول مع تركيا التي حضر فيها ملك الأردن قمة اسطنبول، وألقى خطابا مخالفاً للرغبة السعودية والإماراتية اللتان سبق ودعتاه إلى رفض المشاركة في القمة التي دعا إليها الرئيس التركي.
يتحدث المسؤولون الأردنيون عن محاولات خليجية واضحة لعزل الدور الأردني في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة كمحاولة لعزل المملكة سياسياً والضغط عليها اقتصادياً، لكن عمّان تصدت لهذه المحاولات وهي تتجه الآن أكثر من أي وقت مضى للاستقلالية في موقفها عن الحلفاء القدامى.
ونتيجة الأزمة الاقتصادية، يشهد الأردن حالياً سلسلة احتجاجات شعبية، بعد أن فرضت الحكومة ضرائِب جديدة على أكثر من 100 سلعة، وأوقفت الدّعم الحكومي عن جميع السلع والمواد الأساسية الأخرى مثل المياه، والكهرباء، والمحروقات، ورغيف الخبز، لسد العجز الكبير في الميزانيّة، وصولاً إلى سن قانون جديد عرف بقانون ضريبة الدخل.
يربط المسؤولون الأردنيون بين الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة، والموقف الأردني من “صفقة القرن”، معتبرين أن هناك محاولات جادة من البعض لإضعاف الأردن، وتفتيت جبهته الداخلية وإضعاف هيبة الحكم فيه، وإشغاله بالتحديات والظروف الاقتصادية الصعبة في إطار إعادة ترسيم المنطقة لصالح “صفقة القرن”.